رحنا منه ، فدلّوني على بيت مملوء ذهبا وياقوتا وزبر جدا ودعوني إلى تخريبه وإصابة ما فيه على أن أعطيهم منه شيئا فنويت لهم بذلك ، فبرحت وأنا مجمع لهدمه. قال النفر الذين كانوا معه من يهود : ذلك بيت الله الحرام ومن أراده هلك فقال : ويحكم فما المخرج مما دخلت فيه؟ قالوا : تحدث نفسك أن تطوف به كما يصنع به أهله ، وتكسوه وتهدي له ، فحدّث نفسه بذلك. فأطلقه.
وقال في شعره (١) :
بالدّفّ من جمدان فوز مصعد |
|
حتى أتاني من هذيل أعبد |
ذكروا لي البيت وقالوا كنزه |
|
در وياقوت وفيه زبرجد |
فأردت أمرا حال ربّي دونه |
|
والرب يدفع عن خراب المسجد (٢) |
قال : ثم سار حتى دخل مكة فطاف بالبيت سبعا ، وسعى بين الصفا والمروة ، فأري في المنام أن يكسو البيت فكساه الخصف وكان أول من كساه ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل ـ وصائلت اليمن ـ وأقام بمكة ستة أيام فيما ذكر لي ينحر بها للناس ويطعم من كان من أهلها ويسقيهم العسل ، قال : فكان تبّع فيما ذكر لي أول من كساه وأوصى به ولاته من جرهم ، وأمرهم بتطهيره ، وأن لا يقربوه ميتة ولا دما ولا مثلاثا وهي المحائض ـ وجعل له بابا ومفتاحا ، وقال تبّع في الشعر :
ونحرنا في الشعب ستة آلاف |
|
ترى الناس نحوهن ورودا |
وكسونا البيت الذي حرّم |
|
الله [ملاء] (٣) معضدا وبرودا |
وأقمنا به (٤) من الشهر ستا |
|
فجعلنا لنا به إقليدا |
وأمرنا للجرهميين خيرا |
|
حين كانوا لحافتيه سهودا |
ثم سرنا نؤمّ قصد سهيل |
|
قد رفعنا لواءنا معقودا |
قال : فلما أرادوا الشخوص إلى اليمن أراد أن يخرج الركن فخرج به معه ، فاجتمعت
__________________
(١) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص ٣٠ وتاريخ الطبري ٢ / ١١٠ من أبيات مرفوعة الروي.
(٢) في البيت إقواء.
(٣) سقطت من الأصل واستدرك فوق السطر.
(٤) في سيرة ابن إسحاق ص ٣١ لبابه.