اختلفوا كل هذا الاختلاف على وضعه في مكانه ، بينما لم يكن الأمر كذلك بالنسبة إلى غيره من مقتنيات الكعبة الشريفة ، ويذهب «فلهاوزن» إلى أن قدسية البيت «لم تكن عند قريش بسبب ما فيه من أصنام ، وإنما بسبب هذا الحجر الأسود ، فهو إذن مقدس لذاته (١)» ، بل إن البعض ليذهب إلى أن البيت لم يكن إلا بمثابة إطار للحجر الأسود ، الذي كان أهم معبودات قريش في الجاهلية (٢).
غير أننا نعرف أنه رغم شيوع عبادة الأوثان في سواد قبائل العرب ، فإن التاريخ لم يحدثنا أبدا ، أن القوم قد عبدوا هيكل الكعبة ، أو أنهم قد عبدوا الحجر الأسود ، مع احترامهم له ذلك الاحترام الذي يفوق كل احترام إذ كان القوم يلمسونه دائما بغية التبرك به ، كما كانت الجهة التي فيها هذا الأسود ، إنما تسمى «بالركن» (٣).
وقد بقيت هذه المكانة للحجر الأسود ، حتى على أيام الإسلام الحنيف (٤) ، ويروى أن الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ حين كان يطوف بالبيت الحرام ، كان يستلم الحجر الأسود ويقبله ، إلا أن مكانة
__________________
(١) جواد علي ٦ / ٤٣٧ ، وكذا أنظر :.J.Wellhausen ,opcit ,P ٤٧
(٢) المشرق ، تموز ١٩٤١ ص ٢٤٧
(٣) جواد علي ٦ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ، احمد إبراهيم الشريف : المرجع السابق ص ١٦٨ ، محمد البتنوني : المرجع السابق ص ١٥٢ ـ ١٥٦
(٤) أنظر : الأزرقي ١ / ٣٢٢ ـ ٣٣٠ ، ٣٤٢ ـ ٣٤٤