وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشربا بحمرة ، وقد صدق من نعته بذلك. ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس (١) والرياح. فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة ، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك (٢) فيه أحد ممن (٣) وصفه بأنه أبيض أزهر فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب.
ومن نعت ما ضحى الشمس والرياح بأنه أزهر مشرب بحمرة فقد أصاب. ولونه الذي لا يشك فيه أحد : الأبيض الأزهر ، وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح.
وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ أطيب من المسك الأذفر وكان رجل الشعر حسنا ليس بالسبط ولا بالجعد القطط ، كان إذا مشطه بالمشط كأنه حبك (٤) الرمل ، أو كأنه المتون التي تكون (٥) في الغدران (٦) إذا سفتها الرياح ، فإذا مكث لم يرجل أخذ (٧) بعضه بعضا ، وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتيم ، كان أول أمره قد سدل ناصيته (٨) بين عينيه ، كما تسدل نواصي الخيل ، ثم جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالفرق ففرق.
فكان شعره عليه الصلاة والسلام فوق حاجبيه. ومنهم من قال : كان يضرب شعره منكبيه ، وأكثر من ذلك إذا كان إلى شحمة أذنه (٩).
وكان عليه الصلاة والسلام ربما جعله غدائر أربع تخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها ، وتخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها وتخرج الأذنان ببياضها من بين تلك الغدائر كأنهما توقد الكواكب الدرّيّة بين سواد [شعره](١٠) ، وكان
__________________
(١) بالأصل : «ما ضحر الشمس» وفي خع : «ما ضحى الشمس» والمثبت عن الدلائل.
(٢) عن الدلائل وبالأصل «لا يشاب».
(٣) بالأصل «فمن» والمثبت عن الدلائل.
(٤) حبك الرمل : حروفه وأسناده ، واحدها حباك.
(٥) عن الدلائل ، وبالأصل «كان».
(٦) بالأصل وخع «العدوان» وفي الدلائل : «الغدر» والذي أثبتناه عن المطبوعة السيرة ١ / ٣٠٢.
(٧) بالأصل وخع : «فإذا نلته بالمرحيل أحد» والمثبت عن الدلائل.
(٨) بالأصل وخع : «قد سال ناصية ... كما تستدل» والمثبت عن الدلائل.
(٩) كذا بالأصل وخع ، وفي الدلائل : أذنيه.
(١٠) الزيادة عن خع ، سقطت من الأصل.