ماهان (١) فهزمه وقتل جنده وكتب بذلك إلى أبي بكر واستنفره (٢). وقدم على أبي بكر أوائل مستنفري اليمن ، ومن بين مكة وبين اليمن ، وفيهم ذو الكلاع ، وقدم عليه عكرمة قافلا وغازيا فيمن كان معه من تهامة (٣) وعمان والبحرين والسّر وفكتب لهم أبو بكر إلى أمراء الصّدقات أن يبدلوا من استبدل ، فكلهم استبدل ، فسمّي ذلك الجيش جيش البدال. وقدموا على خالد بن سعيد وعند ذلك اهتاج أبو بكر للشام ، وعناه أمره ، وقد كان أبو بكر ردّ عمرو بن العاص على عمالة كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولّاها إياه من صدقات سعد هذيم وعذرة ومن لقيهم من جذام وحدس (٤) قبل ذهابه إلى عمان. فخرج إلى عمان وهو على عدة من عمله إذا هو رجع فخرج إلى عمان فأنجز له ذلك أبو بكر.
فكتب أبو بكر عند اهتياجه للشام إلى عمرو : إني قد كنت رددتك إلى العمل الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولّاكه مرة ، وسمّاه لك أخرى مبعثك إلى عمان إنجازا لمواعيد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قد وليته ثم وليته ، وقد أحببت أبا عبد الله أن أفرغك لما هو خير لك في حياتك ومعادك ، إلّا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك. فكتب إليه عمرو : إني سهم من سهام الإسلام ، وإنك بعد الله الرامي بها ، والجامع لها ، فانظر أشدّها وأخشاها وأفضلها فارم به شيئا إن جاءك من ناحية من النواحي. وكتب إلى الوليد [بن عقبة](٥) نحو ذلك فأجابه بإيثار الجهاد.
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين ، أنا أبو طاهر ، نا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف ، عن سهل بن يوسف ، عن القاسم بن محمد قال (٦) : كتب أبو بكر إلى عمرو ، وإلى الوليد بن عقبة وكان على النّصف من صدقات قضاعة ، وقد كان أبو بكر شيعهما مبعثهما على الصّدقة
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي خع والطبري ومختصر ابن منظور : باهان بالباء.
(٢) في الطبري : واستمده.
(٣) تهامة بالكسر ، إلى عرق اليمن إلى أسياف البحر إلى الحجفة وذات عرق (معجم البلدان).
وعمان اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند (ياقوت).
السرو : منازل حمير بأرض اليمن ، وهي عدة مواضع (ياقوت).
(٤) بالأصول «وجديس» والمثبت عن الطبري ، وحدس : بطن عظيم من العرب (قاموس).
(٥) زيادة عن الطبري.
(٦) الخبر في الطبري ٣ / ٣٩٠ حوادث سنة ١٣.