سنة ثلاث عشرة وشهري ربيع ، لا يقدرون من الروم على شيء ولا يخلصون إليهم : اللهب (١) وهو الواقوصة من ورائهم والخندق من ورائهم (٢) ولا يخرجون خرجة إلّا أديل (٣) المسلمون منهم ، حتى إذا سلخوا شهر ربيع الأول ، وقد استمدوا أبا بكر وأعلموه الشأن في صفر ، فكتب إلى خالد ليلحق بهم ، وأمره أن يخلّف على العراق المثنّى ، فوافاهم في ربيع.
قال : ونا سيف عن محمد وطلحة وعمرو والمهلّب قالوا (٤) : ولما نزل المسلمون باليرموك ، واستمدوا أبا بكر قال : خالد لها ، فبعث إليه وهو بالعراق وعزم عليه واستحثه بالسير ، فنفذ خالد لذلك ، فطلع عليهم خالد ، وطلع باهان على الروم ، وقد قدّم قدّامه الشمامسة والرهبان والقسيسين ، يعيرونهم (٥) ويحضونهم على القتال. فاتفق خالد وباهان ووافق قدوم خالد قدوم باهان فخرج بهم باهان كالمقتدر ، فولى خالد قتاله ، وقاتل الأمراء من بازائهم ، فهزم باهان ، وتتابع الروم على الهزيمة واقتحموا خندقهم وتيمنت (٦) الروم بباهان ، وفرح المسلمون بخالد وقال راجز المسلمين في ذلك (٧) :
دعوا هرقلا ودعونا الرحمن |
|
والله قد أخزى جنود باهان |
بخالد اللج أبي سليمان |
|
ليس بوهواه (٨) ولا بوان |
لا نزق فيه ولا أرنان |
وجرّد المسلمون وجرد الكافرون (٩) وهم أربعون ومائتا ألف ؛ منهم ثمانون ألف مقيد ، وأربعون ألفا منهم مسلسل للموت ، وأربعون ألفا مربّطون بالعمائم ، وثمانون ألف فارس ، وثمانون ألف راجل ، والمسلمون سبعة وعشرون ألفا ممن كان مقيما ، إلى
__________________
(١) عن الطبري وبالأصل : اللهث.
(٢) الأصل وخع ، وفي الطبري : أمامهم.
(٣) يقال : أديل لنا على عدونا أي نصرنا عليه ، وكانت الدولة لنا (انظر اللسان).
(٤) الخبر التالي في الطبري ٣ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤.
(٥) في الطبري : يغرونهم.
(٦) عن الطبري وبالأصل : وتتميز.
(٧) الأبيات في ابن حبيش ١ / ٢٩٢.
(٨) ابن حبيش : «بوهراء».
(٩) في الطبري : «وحرد المسلمون وحرب المشركون» وفي ابن حبيش : وحرب المسلمون وجرّد المشركون.