المقسم ما هذا؟ قالوا : هذا لا نستحله إلّا بحلّة. فلما سمع عظيم دمشق هذه القصة قال : ما لنا بهؤلاء طاقة ، ولا لنا في قتالهم خير. فراضوا خالدا عند ذلك على الصلح حتى صالحهم ، ودخلها من بابها بصلح ، وعليهم أبو عبيدة من الناحية الأخرى فدخلها عنوة. فالتقيا في مدينة دمشق.
وفيهم من قال : أبو عبيدة هو الذي صالح وخالد الذي دخلها. فقال أحدهما [لصاحبه](١) قد أعطيت الأمان. وقال الآخر : دخلتها (٢) عنوة فقالوا : نمضي الأمان. فكتب لهم [خالد](٣) كتاب أمان فيه أبو عبيدة وغيره من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قالوا (٤) : وكان صالح أهل دمشق على دينارين دينارين ، وشيء من طعام ، وبعضهم على الطاقة ، إن زاد المال زاد عليهم ، وإن نقص ترك ذلك عنهم. وكان اشترط على أهل الذمة بأرض الشام أنّ عليهم إرشاد الضال (٥) ، وأن يبنوا قناطر أبناء السبيل من أموالهم وأن يضيفوا من مرّ بهم من المسلمين ثلاثة أيام ، ولا يشتموا مسلما ولا يضربوه ، ولا يرفعوا في نادي أهل الإسلام صليبا ، ولا يخرجوا خنزيرا من منازلهم إلى أفنية المسلمين ، ولا يمروا بالخمر في ناديهم ، وأن توقد النيران للغزاة في سبيل الله عزوجل ، ولا يدنوا (٦) للمسلمين على عورة ، وأن لا يحدثوا بناء كنيسة ، ولا يضربوا بناقوسهم قبل آذان المسلمين ، وأن لا يخرجوا الرايات في عيدهم ، وأن لا يلبسوا السلاح في عيدهم ، وأن لا يتحسر (٧) في بيوتهم ، فإن فعلوا شيئا من ذلك عوقبوا وأخذ منهم وحسب لهم في جزيتهم.
ومنهم من قال وقد كان أبو بكر رضياللهعنه توفي قبل فتح دمشق ، وكتب عمر رضياللهعنه إلى أبي عبيدة بالولاية على الجماعة وعزل خالد بن الوليد. فكتم أبو عبيدة
__________________
(١) زيادة عن خع.
(٢) بالأصل : دخلها.
(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن هامشه وخع.
(٤) في مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٦ : قالوا : وكان صالح أهل دمشق على شيء مسمى لا يزداد عليهم إن استغنوا ، ولا يحط عنهم إن افتقروا ، فكان صالح أهل دمشق على دينارين ...
(٥) عن خع ومختصر ابن منظور وبالأصل «الضالة».
(٦) في مختصر ابن منظور : «ولا يدلوا».
(٧) في مختصر ابن منظور : وأن لا ينحروا.