المنبر مراق ، ثم تنحنح فسكت الناس ، فقال : رحم اللّه من سمع فوعى ونظر فاستحى ، أيها الناس ان معاوية يزعم انه امير المؤمنين ، وان لا يكون الامام اماما حتى يحيي الموتى او ينزل من السماء مطرا او ياتي بما يشاكل ذلك مما يعجز عنه غيره ، وفيكم من يعلم اني الكلمة التامة والآية الباقية والحجة البالغة ، ولقد ارسل الي معاوية جاهليا من جاهلية العرب ففسح في كلامه وعجرف في مقاله ، وانتم تعلمون اني لو شئت لطحنت عظامه طحنا ونفست الارض نفسا وخسفتها عليه خسفا ، الا ان احتمال الجاهل صدقة عليه ، ثم حمد اللّه واثنى عليه وصلى على النبي (ص) واشار بيده اليمنى الى الجو فدمدم واقبلت غمامة وعلت سحابة سقت بيديها وسمعنا منها قائلا يقول : السلام عليك يا امير المؤمنين ويا سيد الوصيين ويا امام المتقين ويا غياث المستغيثين ويا كنز الطالبين ومعدن الراغبين؛ واشار (ع) الى السحابة فدنت قال ميثم ، فرأيت الناس كلهم قد اخذتهم السكرة ، فرفع (ع) رجله وركب السحابة وقال لعمار : اركب معي وقل الحمد للّه مجريها ومرساها ان ربي على صراط مستقيم ، فركب عمار وغابا عن اعيننا ، فلما كان بعد ساعة اقبلت السحابة حتى اظلت جامع الكوفة ، فالتفت واذا مولاي (ع) جالس في دكة القضاء وعمار بين يديه والناس حافون به ، ثم قام وصعد المنبر وحمد اللّه واثنى عليه واخذ في الخطبة المعروفة بالشقشقية ، فلما فرغ منها اضطرب الناس وقالوا فيه اقاويل مختلفة ، فمنهم من زاده اللّه بصيرة وايمانا بما شاهدوه منه ، ومنهم من زاده كفرا وطغيانا ،