مع أنه معلوم أنّ الشيخ كان أعرف بحال الصدوق من المتأخّرين ، و «الفقيه» كان عنده يلاحظه ، ويأخذ الحديث منه ، وما ذكره الصدوق فيه ، فكيف ادّعى إجماع الطائفة على ترك العمل؟ كما أنّ الصدوق أيضا ادّعى في «الأمالي» ما ادّعى (١) ، ومرّ غيرهما من الإجماعات (٢).
على أنّه على فرض أنّ الصدوق توهّم وغفل عن الأخبار المتواترة الموافقة لمذهب الشيعة ، والحقّ الصادر عن الأئمّة ، وجوّز العمل بالشاذّ الذي أمرونا بترك العمل [به] والموافق لمذهب العامّة الذي نهونا في الأخبار المتواترة عن اعتبارها والعمل بها (٣) ، سيّما وأن يؤوّل المتواتر من الأخبار بهذا الشاذّ الموافق للعامّة جزما ويؤوّل هذا الشاذّ أيضا بما هو خلاف ظاهره ، كيف يجوز لنا متابعته وتصويب ما فعله ، مع بداهة خطئه من وجوه متعدّدة ظاهرة غاية الظهور ، كما أشرنا ، مع مخالفته للأخبار المتواترة المانعة عن العمل بمثله من وجوه متعدّدة (٤)؟
وأيّ مسألة فقهيّة تكون أقوى دليلا ممّا ذكر؟ بل غالبا لا تدانيها ، كما لا يخفى.
وممّا ذكر ظهر فساد ما ذكره المصنّف من قوله : وهو أظهر.
قوله : (ولو ظنّ). إلى آخره.
أقول : لو ترجّح في نظر المصلّي الشاكّ أحد طرفي شكّه ، أو كان راجحا ، فعليه أن يعمل به ، ويجعله مثل العلم بذلك مطلقا على المشهور ، لما رواه العامّة عن
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥١٣ المجلس ٩٣.
(٢) راجع! الصفحة : ١٨٠ و ١٨١ من هذا الكتاب.
(٣) انظر! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
(٤) انظر! وسائل الشيعة : ٨ / ٢١٢ الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.