الباب ، ولم يشر إلى ذلك أصلا ، بل قدّم على هذا الحديث ما ذكره من التخيير بين الأخبار المذكورة المعيّنة المعروفة ، فلو كان مراده التخيير في العمل به أيضا لكان آخر ما ذكره عن ذكر هذا الحديث.
فتقديمه أيضا في غاية الظهور في عدم البناء على التخيير فيه ، اللهمّ إلّا أن يجعل المراد ممّا فيه هو الذي ذكرنا ممّا هو مضمون الأخبار المختلفة السابقة عليه ، كما ذكرنا ، فيكون الأمر كما ذكرنا.
مع أنّه لو كان ذكره لأجل العمل بالتخيير مطلقا ـ كما توهّموا ـ فأيّ معنى لما ذكره بعيده من قوله : لا سهو في المغرب ولا في الفجر ولا في الاوليين من كلّ صلاة (١) ، فإنّه صريح في أنّ ذكره كذلك في هذا المقام لئلّا يتوهّم متوهّم أنّه رفع اليد عمّا أفتى به أوّلا ، وشيّده وأكّده.
وهذا أيضا تأكيد آخر منه لدفع التوهّم ، فمع ذلك كيف يتوهّم المتوهّم ما توهّموا؟ مع أنّه رحمهالله قال بعد ذلك : من لم يدر كم صلّى ولم يقع وهمه على شيء ، فليعد الصلاة (٢).
ومعلوم أنّه يدري جزما أنّه صلّى ركعة ، فلو كان يجوز البناء على الأقلّ فلم يقول : فليعد الصلاة؟!
وممّا ينادي بما ذكرنا أنّ الشيخ في «الاستبصار» لمّا روى عن عمّار روايتين متضمّنتين لصحّة الشكّ في المغرب والفجر والعلاج له ، قال : إنّ هذين الخبرين شاذّان مخالفان للأخبار كلّها ، وإنّ الطائفة قد أجمعت على ترك العمل بهما (٣) ، انتهى.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣١ الحديث ١٠٢٨.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٣ ذيل الحديث ١٠٣٠.
(٣) الاستبصار : ١ / ٣٧٢ ذيل الحديث ١٤١٣.