وأفتى بالمنع في سائر تصانيفه ، وأنّ قوله بالجواز كان في «المسائل المصريّة الثانية» ، وقوله بالمنع كان في سائر تصانيفه ، ومنها «المسائل المصرية الثالثة».
فظهر كلّ الظهور أنّه عدل عن القول بالتجويز ، وظهر على نفسه فساد ما أفتى به أوّلا ، فالقول الذي قاله بنفسه عدل عنه وظهر عليه فساده لا عبرة به.
وقال في «المختلف» : لنا أنّه قول علمائنا أجمع ، فلا يعتدّ بخلاف السيّد المرتضى مع فتواه بالموافقة ، لأنّ الخلاف الصادر منه إن وقع قبل موافقته اعتبرت موافقته ، لأنّه يكون قد انعقد الإجماع بعد الخلاف ، وإن وقع بعد الموافقة لم يعتدّ به ، لأنّه صدر بعد الإجماع ، وقول علمائنا حجّة ، لأنّه إجماع لا يجوز مخالفته (١) ، انتهى ، فتأمّل!
ويدلّ بعد الإجماع وفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره ، ممّا أشرنا إليه صحيحة هشام بن الحكم أنّه قال للصادق عليهالسلام : أخبرني عمّا يجوز السجود عليه وعمّا لا يجوز ، قال : «السجود لا يجوز إلّا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلّا ما اكل أو لبس» ، فقال له : جعلت فداك ، ما العلّة في ذلك؟ قال : «لأنّ السجود خضوع لله عزوجل فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس ، لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله عزوجل ، فلا ينبغي أن يضع جبهته [في سجوده] على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها ، والسجود على الأرض أفضل ، لأنّه أبلغ في التواضع والخضوع لله عزوجل» (٢).
وصحيحة حمّاد بن عثمان عن الصادق عليهالسلام قال : «السجود على ما أنبتت
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٢ / ١١٦.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٧ الحديث ٨٤٠ ، علل الشرائع : ٣٤١ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٤٣ الحديث ٦٧٤٠ و ٣٦٧ الحديث ٦٨١٠.