وينال به رضاه ، فقد ضاهى بعمله عمل عمرو بن لحىّ ، لأن الله لا يعبد إلا بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا عبادة ولا تحريم إلا بنص ، وليس لأحد أن يزيد أو ينقص برأى ولا قياس.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) أي وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله فى القرآن من الأحكام المؤيدة بالحجج والبراهين ، وإلى الرسول المبلغ لها والمبين لمجملها فاتبعوه فيها ، أجابوا من يدعونهم إلى ذلك حسبنا ما وجدنا آباءنا يعملون به ، ونحن لهم تبع وهم لنا أئمة وقادة. فرد الله عليهم قولهم :
(أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ؟) أي أيكفيهم ذلك ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا من الشرائع ولا يهتدون سبيلا إلى المصالح ، سواء أكانت دينية أم دنيوية ، ولا يعرف ما يكفى الأفراد والأمم إلا بالعلم الصحيح الذي يميز به بين الحق والباطل ، فأولئك قوم أميون يتخبطون فى ظلمات من الوثنية وخرافات من معتقدات الجاهلية ، فمن وأد للبنات إلى سلب ونهب وإغارات من بعضهم على بعض ، ومن قتال تشتجر فيه الرماح ، إلى عداوة وبغضاء تملأ السهول والبطاح ، ومن ظلم لليتامى والنساء إلى تفنن فى الشعوذة وضروب السحر والكهانة.
ونحو الآية قوله تعالى : «وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ؟».
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥))
المعنى الجملي
بعد أن نعى سبحانه على المشركين ما هم عليه من جهل وعناد ، وطغيان وفساد ، وأنهم لم ينتفعوا بإعذار ولا إنذار ، بل بقوا مصرّين على جهلهم ، سادرين فى ضلالهم