عنهم بوساطتها وشفاعتها عند الله ، إذ ربما نتج عن ذلك سبهم لله سبحانه وتعالى عدوا أي تجاوزا منهم للحد فى السّباب والمشاتمة ليغيظوا المؤمنين. وقوله بغير علم أي بجهالة بالله تعالى وبما يجب أن يذكر به.
وفى ذلك إيماء إلى أن الطاعة إذا أدت إلى معصية راجحة وجب تركها ، فإن ما يؤدى إلى الشرّ شر ، وإلى أنه لا يجوز أن يعمل مع الكفار ما يزدادون به بعدا عن الحق ونفورا منه ، ألا ترى إلى قوله تعالى لموسى وهارون فى مخاطبة فرعون : «فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى».
(كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) أي مثل ذلك التزيين الذي يحمل المشركين على ما ذكر حمية لمن يدعون من دون الله ـ زينا لكل أمة عملهم من كفر وإيمان وشر وخير.
والخلاصة ـ إن سنننا فى أخلاق البشر قد جرت بأن يستحسنوا ما يجرون عليه ويتعودونه ، سواء كان مما عليه آباؤهم أو مما استحدثوه بأنفسهم إذا صار ينسب إليهم ، وسواء أكان ذلك عن تقليد وجهل أم عن بينة وعلم.
ومن هذا يعلم أن التزيين أثر لأعمالهم الاختيارية بدون جبر ولا إكراه ، لا أن الله خلق فى قلوب بعض الأمم تزيينا للكفر والشر ، وفى قلوب بعضها تزيينا للإيمان والخير من غير أن يكون لهم عمل اختياري نشأ عنه ذلك ، وإلا كان الإيمان والكفر والخير والشر من الغرائز الخلقية التي تعد الدعوة إليها من العبث الذي يتنزه الله تعالى عن إرسال الرسل وإنزال الكتب لأجله ، وكان عمل الرسل والحكماء والمؤدبين الذين يؤدبون الناس عملا لا فائدة فيه.
والخلاصة ـ إن تزيين الأعمال للأمم سنة من سنن الله جل شأنه سواء فى ذلك أعمالها وعاداتها وأخلاقها الموروثة والمكتسبة.
(ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي ثم إلى ربهم ومالك