وخلاصة المعنى ـ إنه تعالى هو الغالب لعباده ، العالي عليهم بتذليله لهم ، وخلقه إياهم ، فهو فوقهم بالقهر وهم دونه ، وهو الحكيم فى تدبيره ، الخبير بمصالح الأشياء ومضارها ولا تخفى عليه خوافى الأمور ولا بواديها ، ولا يقع فى تدبيره خلل ، ولا فى حكمته.
دخل وقد ختم سبحانه هذه الأوامر القولية المبينة لحقيقة الدين وأدلته بشهادة الله لرسوله وشهادة رسوله له فقال :
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً؟ قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسأل كفار قريش : أي شىء شهادته أكبر شهادة وأعظمها ، وأجدر أن تكون أصحها وأصدقها؟ ثم أمره بأن يجيب عن هذا السؤال بأن أكبر الأشياء شهادة هو من لا يجوز أن يقع فى شهادته كذب ولا زور ولا خطأ وذلك هو الله تعالى ، وهو الشهيد بينى وبينكم وقد أوحى إلىّ هذا القرآن من لدنه لأنذركم به عقابه على تكذيبى فيما جئت به مؤيدا بشهادته سبحانه ، وأنذر من بلغه هذا القرآن ، إذ كل من بلغه فهو مدعو إلى اتباعه حتى تقوم القيامة.
وشهادة الله بين الرسول وقومه ضربان : شهادته برسالة الرسول ، وشهادته بصدق ما جاء به ، والأول أنواع ثلاثة :
(١) إخباره بها فى كتابه بنحو قوله «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ» وقوله : «إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً».
(٢) تأييده بالآيات الكثيرة التي من أعظمها القرآن ، فهو المعجزة الدائمة بما ثبت من عجز البشر عن الإتيان بسورة من مثله ، وبما اشتمل عليه من أخبار الغيب ووعد الرسول والمؤمنين بنصر الله وإظهارهم على أعدائهم.
(٣) شهادة كتبه السابقة له ، وبشارة الرسل السابقين به ، ولا نزال هذه الشهادة فى كتب اليهود والنصارى.