من المسلم فهو دليل المودة والصفاء ، وهو تحية أهل الجنة يحييهم بها ربهم جل وعلا وملائكته الكرام ، ويحيى بها بعضهم بعضا ، وكتب. أوجب ، والجهالة : السفه والخفة التي تقابل الحكمة والروية ، وتستبين : تتضح وتظهر ، يقال : استبنت الشيء وتبينته : أي عرفته بينا واضحا.
المعنى الجملي
بعد أن نهى سبحانه نبيه عن طرد المستضعفين من حضرته ، استمالة لكبراء المتكبرين من قومه ، وطمعا فى إقبالهم عليه وسماعهم لدعوته ، كما اقترحه بعض المشركين.
أمره بأن يلقى الذين يدخلون فى الإسلام آنا بعد آن عن بينة وبرهان ـ بالتحية والسلام ، والتبشير برحمة الله ومغفرته ، فقد كان السواد الأعظم من الناس كافرين إما كفر جحود وعناد ، وإما كفر جهل وتقليد للآباء والأجداد ، وكان يدخل فى الإسلام الأفراد بعد الأفراد ، وكان أكثر السابقين من المستضعفين والفقراء ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكون تارة معهم يعلمهم ويرشدهم ، وتارة يتوجه إلى أولئك الكافرين يدعوهم وينذرهم.
الإيضاح
(وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أي وإذا جاءك القوم الدين يصدّقون بكتابنا وحججنا ، ويقرون بذلك قولا وعملا ، سائلين عن ذنوبهم التي فرطت منهم ، هل لهم منها توبة ، فلا تؤيسهم منها ، وقل لهم : سلام عليكم أي أمنة الله لكم من ذنوبكم أن يعاقبكم عليها بعد توبتكم منها.
ثم ذكر العلة فى هذا فقال :
(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) أي قل لهم : أوجب على ذاته المقدسة تفضلا منه وإحسانا ، الرحمة بخلقه ، فإن فيما سخّر للبشر من أسباب المعيشة المادية ، وفيما آتاهم من وسائل العلوم الكسبية ـ لآيات بينات على سعة الرحمة الربانية ، وتربية عباده بها فى حياتهم الجسدية والروحية.