ثم إن ما ذكرنا جريا على مذاق من أجرى قاعدة العارية بين المستعير والغاصب المعير في الرجوع وعدمه في بعض صور المسألة ، وإلا فيمكن أن يقال بخروج عارية الغصب عن مجرى قواعد العارية وأحكامها ، وان كانت بصورة العارية.
وما تقدم في بعض صور المسألة من الرجوع وعدمه بين المستعير والغاصب المعير ، فإنما هو للغرور ، لا لكونها عارية يتمسك فيها بقاعدة «ما لا يضمن» فإن العارية التي تجري فيها قواعدها ـ وكذا الوديعة ونحو ذلك من العناوين ـ هي الطارئة على أخذ المال من المالك لا مطلق الأخذ وإن كان من غيره.
ومما يمكن أن يورد على الكلية الإيجابية : النقض بالبيع من السفيه المحجر عليه ، لو تلف المبيع في يده مع كون القبض بإذن البائع ، فإنه حكم غير واحد ـ كالعلامة في القواعد ، والمحقق في الشرائع ، وثاني الشهيدين والمحققين في المسالك ، وجامع المقاصد ـ بفساد البيع ، وعدم تعلق الضمان
__________________
العين التالفة بلا اشكال ، وأما ضمانه للغاصب المعير لو رجع عليه المالك ببدل العين التالفة وخسارته البدل له ، فهو لا يخلو عن الإشكال ، فإن علمه بالغصب غاية ما يقتضي كونه ضامنا للمالك العين التالفة وعدم رجوعه بما خسره له على المعير لعدم كونه مغرورا منه كالجاهل بالغصبية.
وأما ضمانه للمعير بدل العين التالفة لو رجع المالك عليه وأخذ البدل منه فهو مشكل ، إذ هو قادم على ضمان العين للمالك لو رجع عليه ببدلها ، لا على ضمان بدلها للمعير لو رجع عليه المالك وأخذ البدل منه ، لما ذكرناه من جريان قاعدة العارية بين المعير الغاصب وبين المستعير منه ، وانه غير مقدم على الضمان له ما خسره للمالك. ولعل ما ذكرناه هو الوجه في تأمل سيدنا المصنف ـ قدس سره.