بين ظهور المالك في حياة المتصدق وبعد موته ، وأنه دين تجري فيه أحكام ديونه قبل التصدق ـ مطلقا ـ ظهر المالك أم لم يظهر ، في حياته أو بعد موته ـ ولا كذلك بعد الصدقة إلا فيما لو ظهر المالك في حال حياته ، فله الرد والرجوع بالبدل المالي ، للأخبار مع الاقتصار فيها على ظاهرها من الرجوع عليه في حياته وأنه القدر المتيقن من ثبوت الحق للمالك بظهوره أو بعد مطالبته.
ثم إن مصرف هذه الصدقة ـ كغيرها ـ من الصدقات ـ هو فقراء المؤمنين حتى لو كان المالك المجهول من غير أهل الحق من مخترمي المال ، لأنه المتبادر منها ولإطلاق الأمر بها ، وإن لم ينتفع بثوابه الأخروي ، لإمكان تعويضه ببدله الدنيوي أو التخفيف عن عذابه في الجحيم ، كما هو المأمول من لطفه العميم.
وفي جواز التصدق بها على الهاشمي ، بناء على تحريم مطلق الصدقة الواجبة عليه لا خصوص الزكاة منها ، وعدمه : وجهان ، بل قولان.
ولعل الأقرب هو الأول ، لأنها من المندوبة على المالك ، وان وجب على من بيده المال دفعه صدقة ، فهو مما يجب دفعه صدقة ، لا من الصدقات الواجبة ، والفرق بينهما واضح.
أما الثاني وهو ما لو كان المأخوذ مما علم كونه حلالا بعينه ، فلا إشكال في حكمه من جواز التصرف فيه ، وإن كان يندب التنزه عنه لأنه موجب لمحبتهم ، فان النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها. ولما ورد في الصحيح : «إن أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينه مثله». ولو لا ما قبل من عدم القول بالكراهة لقلنا بها فيه ، وان كان لا ملازمة بينها وبين ترك المندوب ، بل لإشعار الصحيحة بها