سيّما مع كونه ممّا يعمّ به البلوى ويكثر إليه الحاجة ، ولو تعرّضوا لشاع ، بل اشتهر اشتهار الشمس ، لا أن يكون الأمر بخلافه ، كما يظهر من قدمائنا والمتأخّرين ، بل عرفت نقل الإجماع على ذلك ، والإجماع المنقول حجّة.
قال في «الذخيرة» : لم أطّلع على ما نسبه إلى بعضهم من دعوى الإجماع إلّا في كلام ابن إدريس حيث قال : ويجوز أن يؤدّي بالطهارة المندوبة الفرض من الصلاة بدليل الإجماع من أصحابنا (١) ، لكن عموم كلامه مخصّص بما إذا قصد بالمندوبة الصلاة النافلة ورفع الحدث عنها جمعا بينه وبين ما حكي عنه سابقا ، أنّه قال : إجماعنا منعقد على أنّه لا يستباح الصلاة إلّا بنيّة رفع الحدث ، أو استباحة الصلاة (٢) ، انتهى.
أقول : لم يظهر بعد كون البعض هو ابن إدريس ، وما نقل عنه من الإجماع على أنّه لا يستباح الصلاة إلّا بنيّة رفع الحدث أو استباحتها (٣) ، سيجيء تحقيق ذلك في مبحث النيّة.
وممّا ذكر ظهر أنّه لا حاجة إلى نذر عبادة مشروطة بالطهارة لأجل الوضوء أو الغسل قبل دخول الوقت وحصول الفريضة بهما ؛ لأنّا بعد في عهدة التكليف الشرعيّة وعدم الوثوق في الخروج عن العهدة. فما معنى تزييد التكليف على أنفسنا من دون جهة أصلا؟ لأنّ الوضوء الذي يتحقّق قبل الوقت وبعده بعد تحقّق الفريضة ، إمّا أن يكون لأجل الصلاة النافلة ، وإن لم يصلّ بها النافلة ، أو لأجل التأهّب للفريضة ، فلا شبهة ولا غبار في جواز الفريضة به وصحّة ذلك ، بحيث لا
__________________
(١) السرائر : ١ / ٩٨.
(٢) ذخيرة المعاد : ٤.
(٣) في (ز ٣) : استباحة الصلاة.