وفيه ما عرفت ،
من أنّه مبني على الأخذ الفاسد من جعل القيام بمعنى إرادته ، وذكرنا شنائعه ،
ومنها أنّه مبني على كون «إذا» من كلمات العموم ، وعرفت ما فيه ، ومع ذلك لا شبهة
في دلالتها على كون الوضوء واجبا لغيره.
غاية ما في
الباب أنّها تدلّ على وجوبه قبل الوقت أيضا ، كما هو رأي بعض المتأخّرين ، ومنهم
الوحيد ، واحتمله العلّامة في «النهاية» ، وهو ممّن
يقول بوجوبه للغير خاصّة.
ولا ملازمة بين
القول بوجوبه للغير فقط ، وكون وجوبه بعد دخول الوقت ، إذ لا مانع البتّة من كون
الواجب لغيره واجبا قبل دخول وقت وجوب الغير ، لما سيجيء إن شاء الله في وجوب غسل
الجنابة والحيض للصوم.
وربّما توهّم
أنّه لا معنى لوجوب الطهارة للغير قبل تعلّق الوجوب بالغير.
وهذا أيضا
توهّم فاسد ، كما ستعرف في الغسل للصوم ، وعلى تقدير الصحّة كان دليلا قاطعا على
إرادة عدم وجوب الواجب للغير قبل دخول وقت وجوب الغير ، فكيف يقول بالدلالة على
وجوبه قبل دخول وقت وجوب الغير؟
ومن بديهيّات
الدين المعلوم من الأخبار ، أنّ الصلاة مشروطة بالوضوء لا إرادتها ، وأنّ الوضوء
وجوبه لنفس الصلاة لا لإرادتها.
فظهر ممّا
ذكرنا أنّ الوضوء واجب لغيره لا لنفسه ، لكن يكون مستحبّا لنفسه ، لما سيجيء من
استحباب الكون على الطهارة ، وتجديد الوضوء مطلقا ؛ لأنّه نور على نور ، فتأمّل ،
وربّما يصير مستحبّا لغيره أيضا.
__________________