وفيه ما عرفت ، من أنّه مبني على الأخذ الفاسد من جعل القيام بمعنى إرادته ، وذكرنا شنائعه ، ومنها أنّه مبني على كون «إذا» من كلمات العموم ، وعرفت ما فيه ، ومع ذلك لا شبهة في دلالتها على كون الوضوء واجبا لغيره.
غاية ما في الباب أنّها تدلّ على وجوبه قبل الوقت أيضا ، كما هو رأي بعض المتأخّرين (١) ، ومنهم الوحيد (٢) ، واحتمله العلّامة في «النهاية» (٣) ، وهو ممّن يقول بوجوبه للغير خاصّة.
ولا ملازمة بين القول بوجوبه للغير فقط ، وكون وجوبه بعد دخول الوقت ، إذ لا مانع البتّة من كون الواجب لغيره واجبا قبل دخول وقت وجوب الغير ، لما سيجيء إن شاء الله في وجوب غسل الجنابة والحيض للصوم.
وربّما توهّم أنّه لا معنى لوجوب الطهارة للغير قبل تعلّق الوجوب بالغير.
وهذا أيضا توهّم فاسد ، كما ستعرف في الغسل للصوم ، وعلى تقدير الصحّة كان دليلا قاطعا على إرادة عدم وجوب الواجب للغير قبل دخول وقت وجوب الغير ، فكيف يقول بالدلالة على وجوبه قبل دخول وقت وجوب الغير؟
ومن بديهيّات الدين المعلوم من الأخبار ، أنّ الصلاة مشروطة بالوضوء لا إرادتها ، وأنّ الوضوء وجوبه لنفس الصلاة لا لإرادتها.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ الوضوء واجب لغيره لا لنفسه ، لكن يكون مستحبّا لنفسه ، لما سيجيء من استحباب الكون على الطهارة ، وتجديد الوضوء مطلقا ؛ لأنّه نور على نور ، فتأمّل ، وربّما يصير مستحبّا لغيره أيضا.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٦٧ ، لاحظ! مستند الشيعة : ٢ / ٢٨.
(٢) وهو حسين بن جمال الدين الخوانساري في مشارق الشموس : ٢٦.
(٣) نهاية الإحكام : ١ / ٣٢ و ٣٣.