العموم من وجه ، والمطلوب في الوجه واليدين هو الغسل ، وإن كان المسح هو إمرار اليد ممّا ترتكبه ، لكنّه غير مقصود بعنوان الوجوب على المشهور ، وغير مطلوب في تحقّق ماهيّة الغسل ، لأنّ ماهيّته جريان جزء من الماء من جزء من البدن إلى جزء آخر لا أقلّ ، وهذا أقلّ الغسل المجزي في الوضوء.
وما ورد في بعض الأخبار من الاكتفاء بمثل الدهن (١) مؤوّل غير باق على حقيقته ، لأنّه يصير مجرّد المسح ، والإجماع ـ بل الضرورة من الدين ـ والأخبار المتواترة صريحة في وجوب الغسل في الوجه واليدين (٢).
ومقتضى ذلك عدم جواز الاكتفاء بالمسح قطعا ، إذ من البديهيّات أنّ الوضوء ليس بجميع أجزائه مسحا ، بل المسح ليس إلّا في الرأس والرجل خاصّة.
فالمراد كفاية غسل يشبه المسح في قلّة الماء فكأنّه لنهاية قلّته مسح لا أنّه حقيقة مسح ، إذ لا بدّ من الغسل بالضرورة ، وإن كان أقلّ جريان ، كما قلنا ، لكن الجريان ربّما يكون بنفسه ، وربّما يكون بإمرار اليد ، فالإمرار مقدّمة للغسل محصّل له ، لا أنّه في نفسه مطلوب ، كما أنّ مسح الرأس والرجل ربّما يكون مع أقلّ جريان من الماء ، بل وأكثر جريان المقصود منه أيضا ، لكن جريانه غير مقصود بلا شبهة غير محسوب من الوضوء ، بل المقصود منه ليس إلّا المسح برطوبة ما من غير جريان.
كما أنّ في الوجه واليدين يكون الأمر بالعكس ، بأنّ المقصود والمحسوب من الوضوء هو الغسل ، وجريان جزء من الماء من جزء (٣) إلى جزء آخر منه ، وإن كان
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٢١ الحديث ٢ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥ الحديث ٧٨ ، تهذيب الأحكام : ١ / ١٣٨ الحديث ٣٨٥ و ٣٨٧ ، الاستبصار : ١ / ١٢٢ الحديث ٤١٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٤ الحديث ١٢٨٢ و ٤٨٥ الحديث ١٢٨٦.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٤١٢ الباب ٢٣ من أبواب الوضوء.
(٣) في (ف) و (ز ١) و (ط) زيادة : من الوجه واليد.