أخرجه الدليل ، لأنّ العبادة توقيفيّة موقوفة على بيان الشرع.
وما أجاب في «المدارك» و «الذخيرة» بأنّ الآية لا إجمال فيها حتّى يجعل فعله عليهالسلام بيانا (١) ، لا يخفى فساده ، لما عرفت من أنّ الوضوء توقيفي ، وعدم الإجمال في الآية إنّما ينفع لو كان إنشاء التكليف بالوضوء بها أو يكون بيانا ، وكلاهما فاسدان ، لكون التكليف بالوضوء أوّل البعثة والآية نزلت في آخرها ، والبيان يستوفي ما هو في المجمل.
والآية خالية عن كثير من واجبات الوضوء ، مثل الموالاة والترتيب ، وكون الغسل بالماء الطاهر والمباح. إلى غير ذلك.
ولا شكّ في أنّ مقام نزول الآية لم يكن ما يقتضي أزيد من القدر المذكور فيها ، إذ لو كان لذكر ما زاد عنه قطعا ، لعدم جواز تأخيره عن المقتضي لاستحالة الترجيح من دون مرجّح ، وبين الوضوء وبين القدر المذكور في الآية تفاوت كثير ، فعدم الإجمال في الآية كيف يكون عدم الإجمال في الوضوء؟ فتعيّن كون المبيّن غير الآية ، وليس لنا إلّا فعله عليهالسلام ، كما لا يخفى.
ولهذا اتّفق المشهور على كون الوضوء المذكور في الصحيحة وأمثالها الوضوء البياني ، وأنّه المبيّن ويجب متابعته إلّا فيما يثبت استحبابه أو إباحته.
ويدلّ على ما ذكر أيضا ورود الأمر بالابتداء من الأعلى في أخبار اخر ، مثل رواية هيثم بن عروة السابقة (٢).
ورواية العيّاشي ، عن صفوان ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : سألته عن قول الله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (٣). إلى أن قال : فكيف الغسل؟ قال : هكذا ؛ أن
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ٢٠٠ ، ذخيرة المعاد : ٢٧.
(٢) الكافي : ٣ / ٢٨ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٥ الحديث ١٠٥٣.
(٣) المائدة (٥) : ٦.