وفيه تأمّل لما عرفت ، ولعموم البلوى وشدّة الحاجة ، وعدم الالتزام والإلزام في الأعصار والأمصار في إعادة الطهارة ، وإن كان ما ذكروه أحوط.
واعلم! أيضا أنّ العلّامة والشهيد ، ذكرا أنّه يستحب الصبر هنيئة قبل الاستبراء (١) ، ولعلّه لخروج كلّ ما هو معدّ للخروج ، وإلّا فالظاهر من بعض الأخبار عدمه ، مثل صحيحة جميل ، عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء» (٢).
وعن داود الصرمي قال : رأيت أبا الحسن الثالث عليهالسلام غير مرّة يبول [ويتناول كوزا صغيرا] ويصبّ الماء [عليه] من ساعته (٣).
لكن يمكن أن يقال : الأمر بالصبّ في الصحيحة وارد في مقام توهّم الحظر ، فلا يفيد أزيد من نفي الحظر.
وأمّا الرواية الثانية ؛ فلا يظهر منها ما يخالف ما ذكراه ، لأنّ لفظ «ساعته» ليس فيه الضيق المنافي.
ويشهد عليه أنّ الظاهر أنّه عليهالسلام كان يستبرئ ، ولعلّ مراده أنّه عليهالسلام ما كان يصبر ، على ما هو طريقة جماعة من العامّة من أنّهم يصبرون (٤) ، بل وربّما يمشون أيضا.
ويحتمل أن يكون لهم قوّة مزاج ما كانوا يحتاجون إلى الاستبراء ، فتأمّل!
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ١ / ١٣١ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٦٧.
(٢) الكافي : ٣ / ١٧ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٣٥٦ الحديث ١٠٦٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٤٩ الحديث ٩٢٦.
(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٣٥ الحديث ٩٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٤٤ الحديث ٩١٤.
(٤) المغني لابن قدامة : ١ / ١٠٣ الفصل ٢١٢.