أقول : فيه شهادة على العفو ، وأنّ الاحتراز كان استحبابا.
ويدلّ على ذلك أنّه ممّا يعمّ به البلوى ، ويعسر الاحتراز عنه ، بل ربّما كان محالا عاديّا ، والمسلمون في الأعصار والأمصار ما كانوا يحترزون على ما هو الظاهر.
هذا ؛ مع عدم القطع ببقاء عين النجاسة ، بحيث يؤثّر في الثوب أو غيره ، لأنّ الذباب في غاية الخفّة ، ورجلها في غاية الدقّة ، والهواء ممّا يجفف ، سيّما مع الطيران فيه ، مع أنّه لم يرد في الشرع طلب التجسّس والتعمّق والتدقيق في النجاسة.
الثامن : لم يجوّز بعض الفقهاء الاستنجاء بالحجر المستعمل ، ثانيا (١) ، فإن أراد النجس ؛ فقد مرّ حكمه ، وإن أراد غير النجس أيضا ؛ ففيه إشكال ، لدخوله في العمومات.
وقوله عليهالسلام : «جرت السنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء» (٢) لا يصلح لتخصيصها ، لضعف السند والدلالة أيضا ، لأنّ السنّة هنا إمّا المستحب أو أعم منه ، لقوله عليهالسلام : «ويتبع بالماء» ، مع احتمال كون المراد من البكر عدم صيرورته نجسا ، فتأمّل!
__________________
(١) منهم الشيخ في النهاية : ١ / ١٠ ، ابن البرّاج في المهذّب : ١ / ٤٠ ، المحقّق في المعتبر : ١ / ١٣٣.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٠٩ الحديث ٦٠٧ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٤٩ الحديث ٩٢٥.