تعرفونه ، فالنهى الأوّل عن التغيير ، والنهى الثاني عن الكتمان وقد أبانت الآية طريقهم في الغواية والإغواء ، فقد جاء في كتبهم :
(١) التحذير من أنبياء كذبة يبعثون فيهم ، وتكون لهم عجائب وأفاعيل تدهش الألباب.
(٢) أن الله يبعث فيهم نبيا من ولد إسماعيل يقيم به أمة ، وأنه يكون من ولد الجارية (هاجر) وبين علامات واضحة له لا لبس فيها ولا اشتباه.
فأخذ الأحبار والرهبان يلبسون على العامة الحق بالباطل ، ويوهمونهم أن النبي صلى الله عليه وسلم من أولئك الأنبياء الذين وصفوا في التوراة بالكذب ، ويكتمون ما يعرفونه من أوصاف لا تنطبق إلا عليه ، وما يعرفونه من نعوت الأنبياء الصادقين وسبيل دعوتهم إلى الله ، إلى أنهم كانوا يصدونهم عن السبيل القويم بعدم الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم بزيادات يستحدثونها ، وتقاليد يبتدعونها بضروب من التأويل والاستنباط من كلام بعض سلفهم وأفعالهم ويحكّمونها في الدين ويحتجون بأن الأقدمين كانوا أعلم بكلام الأنبياء وأشد اتباعا لهم ، فعلى من بعدهم أن يأخذ بكلامهم دون كلام الأنبياء الذي يصعب علينا فهمه بزعمهم.
لكن هذه المعذرة لم يتقبلها الله منهم ، ونسب إليهم اللبس والكتمان للحق الذي في التوراة إلى يومنا هذا ، كما لم يتقبل ممن بعدهم من العلماء في أي شريعة ودين أن يتركوا كتابه ويتبعوا كلام العلماء بتلك الحجة عينها ، فكل ما يعلم من كتاب الله يجب علينا أن نعمل به ، وما لا يعلم يسأل عنه أهل الذكر ، ومتى فهمناه وعلمناه عملنا به.
قال في التيسير : ويجوز صرف الخطاب إلى المسلمين وإلى كل صنف منهم ، وبيانه أن يقال : أيها السلاطين لا تخلطوا العدل بالجوز ، ويا أيها القضاة لا تخلطوا الحكم بالرشوة ، وهكذا كل فريق. فهذه الآية وإن كانت خاصة ببني إسرائيل