وقد جمع بين الوصفين (التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) للإشارة إلى عدة الله تعالى للعبد التائب بالإحسان إليه مع العفو عنه والمغفرة له.
وهاهنا مسائل ثلاث أطال المفسرون الكلام فيها ، ونحن نوجز القول فيها.
(ا) ما أوردوه في هبوط آدم وحواء من الجنة ووصف ذلك ، وقد نقلوا أكثره من الإسرائيليات التي لا يصح شىء منها عند النقدة من أهل العلم ورجال الدين.
(ب) خلق حوّاء من ضلع آدم أخذا بظاهر قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) وقوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها) ومن حديث أبى هريرة في الصحيحين من قوله. صلى الله عليه وسلم : «واستوصوا بالنساء خيرا فإنهنّ خلقن من ضلع أعوج» ومما ورد في سفر التكوين في التوراة مبينا خلق آدم وحوّاء.
وجوابنا عن ذلك :
(١) أن كثيرا من المفسرين قالوا إن المراد في الآيتين بقوله «منها» أي من جنسها ليوافق قوله في سورة الروم : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) إذ المراد دون شك أنه خلق أزواجا من جنسكم ، لا أنه خلق كل زوجة من بدن زوجها.
(٢) أن الحديث قد جاء على طريق تمثيل حال المرأة واعوجاج أخلاقها ، باعوجاج الضلوع ، ويؤيد هذا قوله آخر الحديث : «وإن أعوج شىء في الضّلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا» فهو على حدّ قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ).
(ح) عصيان آدم ثم توبته ، مع أن الأنبياء معصومون من ارتكاب الذنوب ، ولنا في الجواب عن هذه المسألة ثلاث طرق :