وعقاب الآخرة يتّقى بالإيمان الخالص والتوحيد والعمل الصالح واجتناب ما يضاد ذلك من الشرك واجتناب المعاصي والآثام التي تضر المرء أو تضر المجتمع.
والمتقون فى هذه الآية هم الذين سمت نفوسهم ، فأصابت ضربا من الهداية واستعدادا لتلقى نور الحق ، والسعى فى مرضاة الله بقدر ما يصل إليه إدراكهم ويبلغ إليه اجتهادهم.
وقد كان من هؤلاء ناس فى الجاهلية ، كرهوا عبادة الأصنام ، وأدركوا أن خالق الكون لا يرضى بعبادتها ، كذلك كان من أهل الكتاب ناس يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين.
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣))
الإيضاح
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) الإيمان تصديق جازم يقترن بإذعان النفس واستسلامها.
وأمارته العمل بما يقتضيه الإيمان ، وهو يختلف باختلاف مراتب المؤمنين فى اليقين.
والغيب ما غاب عنهم علمه كذات الله وملائكته والدار الآخرة وما فيها من البعث والنشور والحساب.
والإيمان بالغيب هو اعتقاد بموجود وراء المحسّات متى أرشد إليه الدليل أو الوجدان السليم ، ومن يعتقد بهذا يسهل عليه التصديق بوجود خالق للسموات والأرض منزه عن المادة وتوابعها ، وإذا وصف له الرسول العوالم التي استأثر الله بعلمها كعالم الملائكة ، أو وصف له اليوم الآخر لم يصعب عليه التصديق به بعد أن يستيقن صدق النبي الذي جاء به.
أما من لا يعرف إلا ما يدركه الحس فإنه يصعب إقناعه ، وقلما تجد الدعوة إلى الحق من نفسه سبيلا.