ويدفعه (١) : أنّ للواحد إعتبارين : إعتبارُهُ في نفسه من غير قياسِ بعض مصاديقه إلى بعض ، فيساوق الموجود ، ويعمّ مصاديقه من واحد وكثير ، وإعتبارُهُ بقياس بعض مصاديقه إلى بعض ، فهناك مصاديق لا يوجد فيها من معنى عدم الانقسام ما يوجد في مصاديق اُخر ، كالعشرةِ التي لا يوجد فيها من معنى عدم الانقسام ما يوجد في الواحد وإن كان فيها ذلك إذا قيس إلى العشرات.
فالكثير الذي ليس بالواحد هو المقيس من حيث هو مقيس ، والذي يقابله هو الواحد بالاعتبار الثاني ، وأمّا الواحد بالاعتبار الأوّل فهو يعمّ الواحد والكثير القسيمين جميعاً.
ونظير ذلك انقسام مطلق الموجود إلى ما بالقوّة وما بالفعل مع مساوقة ما بالفعل لمطلق الموجود ، وانقسام الوجود إلى ذهنيٍّ وخارجيٍّ تترتّب عليه الآثار مع مساوقِة الخارجيّ المترتّب عليه الآثار لمطلق الوجود.
فكلّ ذلك من الاختلافات التشكيكيّة التي لحقيقة الوجود المشكّكة.
ونظير هذا التوهّم ما ربّما يتوهّم (٢) أنّ الوحدة من المعاني الانتزاعيّة العقليّة ، ولو كانت حقيقةً خارجيّةً لكانت لها وحدةٌ ولوحدتها وحدةٌ وهلّم جرّاً فيتسلسل.
ويدفعه (٣) : أنّ وحدتها عين ذاتها ، فهي واحدة بذاتها ، نظير ما تقدّم في الوجود (٤) أنّه موجود بذاته من غير حاجة إلى وجود زائد على ذاته.
__________________
(١) كذا دَفَعه المصنّف (رحمه الله) في تعليقته على الأسفار ج ٢ ص ٩٠. ثمّ قال في آخر كلامه : «وإلى هذا يرجع آخر كلام المصنّف». وراجع كلام صدر المتألّهين في دفع هذا التوهّم في الأسفار ج ٢ ص ٩١ ، وتعليقاته على شرح حكمة الإشراق ص ١٩٣.
(٢) كما توهّمه الشيخ الإشراقيّ في المطارحات ص ٣٨٥ ، وحكمة الإشراق ص ٦٨. وتبعه المحقّق الطوسيّ في تجريد الاعتقاد على ما في شوارق الإلهام ص ١٨٣ ، وكشف المراد ص ١٠٠ ـ ١٠١. وتعرّض له الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٨٥.
(٣) كذا دَفَعه الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٨٦. وتبعه صدر المتألّهين في الأسفار ج ٢ ص ٨٩.
(٤) راجع الفصل الثاني من المرحلة الاُولى من المتن.