ما قالته الحكماء ، وقد تقدّم الكلام فيه (١).
وإمّا أن تكون للكثير جهة وحدة يستند إليها المعلول ، وإمّا أن يكون الكثير مركّباً ذا أجزاء يفعل الواحد بواحد منها فينسب إلى نفس المركب.
وثانياً : أنّ المعلول الواحد لا يفعل فيه عِلَلٌ كثيرةُ ، سواء كان على سبيل الاجتماع في عرض واحد ، لأنّه يؤدّي إلى التناقض في ذات الواحد المؤدّى إلى الكثرة ، أو كان على سبيل التوارد بقيام علّة عليه بعد علّة (٢) ، للزوم ما تقدّم من المحذور (٣).
وثالثاً : أنّه لو صدر عن الواحد كثيرٌ وجب أن تكون فيه جهةُ كثرة وتركيب يستند إليها الكثير غير جهة الوحدة المفروضة ، كالإنسان الواحد الذي يفعل أفعالا كثيرة من مقولات كثيرة متباينة بتمام الذات.
الفصل الخامس
في استحالة الدور والتسلسل في العلل
أمّا الدّور فهو توقّف وجود الشيء على ما يتوقّف وجوده عليه ، إمّا بلا واسطة ، كتوقّف (أ) على (ب) وتوقّف (ب) على (أ) ، ويسمّى : «دوراً مصرّحاً» ، وإمّا مع الواسطة ، كتوقّف (أ) على (ب) و (ب) على (ج) و (ج) على (أ) ، ويسمّى : «دوراً مضمراً».
واستحالته قريبة من البداهة ، فإنّه يستلزم تقدٌّمَ الشيء على نفسه بالوجود ، وهو ضروريّ الاستحالة (٤).
__________________
(١) في الفصل السابع من المرحلة السادسة.
(٢) قال المحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام ص ٢١٣ : «وأمّا إذا لم يفرض اجتماعهما بل فرض تبادلهما ابتداءً أو تعاقبهما فالمشهور هو الجواز».
(٣) حيث قال : «بيانه ...».
(٤) فإنّ تقدّم الشيء على نفسه مستلزم لتخلّل العدم ين الشيءونفسه ، وهو ضروريّ الاستحالة.