فالمعيّه في الرّتبة كمعيّة المأمومَيْن الواقفَيْن خلْف الإمام بالنسبة إلى المبدأ المفروض في المسجد في الرتبة الحسّيّة ، وكمعيّة نوعَيْن أو جنسَيْن تحتَ جنس في الأنواع والأجناس المترتّبة بالنسبة إلى النوع أو الجنس.
والمعيّة في الشرف كشجاعَيْن متساويَيْن في الملكة.
والمعيّة في الزمان كحركتَيْن واقعتَيْن في زمان واحد بعينه ، ولا تتحقّق معيّة بين أجزاء الزمان نفِسِه ، حيث لا يخلو جزآن منه من التقدّم والتأخّر.
والمعيّة بالطبع كالجزءَيْن المتساويَيْن بالنسبه إلى الكلّ.
والمعيّة بالعليّة كمعلولَي علّة واحدة تامّة ، ولا تتحقّق معيّة بين علّتَيْن تامَّتْين ، حيث لا تجتمعان على معلول واحد. والحال في المعيّة بالحقيقة والمجاز وفي المعيّة بالحق كالحال في المعيّة بالعلّيّة.
والمعيّة بالدهر كما في جزءيْن من أجزاء مرتّبة من مراتب العين لو فرض فيها كثرة.
الفصل الرابع
في معنى القدم والحدوث وأقسامهما
إذا كان الماضي من زمانِ وجودِ شيء أكثر ممّا مضى من وجود شيء آخر ، كزيد ـ مثلا ـ يمضى من عُمْره خمسون وقد مضى من عُمْر عمرو أربعون سمّي الأكثر زماناً عند العامّة «قديماً» والأقلّ زماناً «حادثاً». والمتحصّل منه أنّ القديم هو الذي كان له وجودٌ في زمان لم يكن الحادث موجوداً فيه بعدُ ، أي إنّ الحادث مسبوقُ الوجود بالعدم في زمان كان القديم فيه موجوداً بخلاف القديم.
وهذان المعنيان المتحصّلان إذا عُمِّما واُخِذا حقيقيَّيْن كانا من الأعراض الذاتيّة للموجود من حيث هو موجود ، فانقسم الموجود المطلق إليهما وصار البحث عنهما بحثاً فلسفيّاً.
فالموجود ينقسم إلى قديم وحادث ، والقديم ما ليس بمسبوق الوجود