.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : لو حج من غير البلد المعيّن فقد فوّت الموضوع وعجّز نفسه عن أداء المنذور ، وهذا التعجيز حرام والحرام لا يكون مصداقاً للواجب فلا يمكن القول بصحة الحجّ من غير ذلك البلد ، فيجب عليه الإتيان بالمنذور بعد ذلك ولا تجب عليه الكفارة لأنها إنما تجب بترك المنذور لا بتفويته.
وفيه : أن النذر في المقام يتعلق بإيقاع الطبيعة في ضمن هذا الفرد الخاص ، وأما عدم إيقاعها في ضمن فرد آخر فهو من باب الملازمة بين وجود أحد الضدين وعدم الضد الآخر لا من جهة تعلق النذر بذلك وإلّا لا ينعقد النذر من أصله ، لأن ترك الصلاة في غير المسجد أو ترك الحجّ من بلد كذا لا رجحان فيه ، كما لا رجحان بخصوصه لابتداء الحجّ من بلد خاص.
وأمّا ما ذكر من التعجيز وتفويت الموضوع عن أداء المنذور بإتيان هذا الفرد والحجّ من غير البلد المعيّن المنذور فليس إلّا من جهة المضادة بين المنذور وغيره وعدم إمكان الجمع بين الضدين ، وليس ذلك من التعجيز بشيء ، بل ذلك لأجل ملازمة خارجية بين الضدين ، فإن وجود كل ضد ملازم لعدم الضد الآخر.
هذا ، مضافاً إلى أنّ التعجيز لا يعقل أن يكون محكوماً بالحرمة لأنه يستلزم من وجوده عدمه ، وذلك لأنّ التعجيز إنما يتحقق إذا كان المأتي به صحيحاً ، إذ لو كان باطلاً وفاسداً لا تعجيز ، ولو كان صحيحاً سقط الأمر ، فالتعجيز متوقف على صحّة المأتي به وإذا كان صحيحاً لا يمكن أن يكون المعجز محرماً بعنوان التعجيز.
والحاصل : في المقام أمران أحدهما تعلق النذر بمطلق الطبيعة والثاني تعلقه بإتيان الطبيعة في ضمن فرد خاص ، فلو فرضنا أنه أتى بمتعلق النذر الأوّل فإن كان فاسداً لا يكون معجّزاً ، وإن كان صحيحاً ومسقطاً للأمر لا يكون مبغوضاً ومحرماً ، فالتعجيز يتوقف على الصحّة ، والصحّة تستلزم سقوط الأمر وعدم كونه مبغوضاً وما يستلزم من وجوده عدمه محال. والحل ما ذكرناه من أن الحجّ من البلد المعيّن المنذور والحجّ من غير هذا البلد من قبيل الضدين ولا يستلزم وجوب أحدهما حرمة الآخر وإنما هو من باب الملازمة الخارجية.