.................................................................................................
______________________________________________________
من العمد والخطأ كالصيد فقد توقف المصنف (قدس سره) فيها في كونها عليه أو على الباذل ، والظاهر أنه لا موجب للتوقف بل حالها حال الكفّارات العمدية ، لأن الباذل إنما بذل مصارف الحجّ وتعهده بنفقاته ، والكفّارات ليست من أجزاء الحجّ وأعماله ، ولم يلتزم الباذل بشيء من الكفّارات ولم يصدر موجبها بأمره وإذنه. وبالجملة : الباذل إنما هو ملتزم بمصارف الحجّ لا بهذه الأُمور الخارجة عن أعماله.
وأما ثمن الهدي فلا بدّ أوّلاً من تحقيق أن بذل الحجّ دون الهدي هل يوجب الحجّ عليه وهل يجب عليه القبول ولو بأن يلتزم المبذول له بثمن الهدي أو يأتي ببدله وهو الصوم ، أو لا يجب إلّا مع بذل ثمن الهدي؟
الظاهر أنه لا بدّ من بذل ثمن الهدي ، لأنّ عرض الحجّ وبذله إنما يتحقق ببذل تمام أجزائه وواجباته ، وإلّا فلم يعرض عليه الحجّ بل عرض بعض الحجّ. نعم ، إذا كانت الاستطاعة ملفقة من الملكية والبذلية يجب عليه صرف ماله في الهدي ، وأما الاستطاعة المتمحضة في البذل فلا بدّ من بذل الهدى أيضاً ، لأن الظاهر من عرض الحجّ كما عرفت عرض تمام الحجّ لا بعضه ، ولا ينتقل الأمر إلى البدل وهو الصوم لأنه في مورد العذر.
وبالجملة : نلتزم في الاستطاعة البذلية ببذل ثمن الهدي أيضاً لأنه من الحجّ ، كما نلتزم بوجدان ثمنه في الاستطاعة الملكية ، فإنه لا يصدق عنوان الاستطاعة إلّا بالتمكن من الهدي ، ومن لم يكن متمكناً من ثمن الهدي من أوّل الأمر لا يكون مستطيعاً ولا ينتقل الأمر إلى البدل ، فإن قوله : ما يحج به أو يقدر على مال يحج به أو يجد ما يحج به وغير ذلك من التعابير الواردة في النصوص إنما يختص بما إذا حصل المال بمقدار جميع مصارف الحجّ ، فإذا كان المال لا يفي بتمام المصارف يسقط وجوب الحجّ ، وكذلك الحال في البذل ، فإذا بذل الباذل دون ثمن الهدي فلم يبذل له الحجّ ولا يجب عليه القبول ، ولا يكون حجّه حجّ الإسلام إذا قبل ، لعدم حصول الاستطاعة للحج بالبذل الناقص.