وهو أمر قابل للتحمل في مقابل المفاسد
الأكبر والأخطر ، التي سوف تنشأ عن ترك الأمر مستمرّاً عبر المقاطع التاريخية
المختلفة ، من دون تحديده بعددٍ معيّن ، وبأشخاص بأعيانهم وأسمائهم.
وباستطاعتنا
أن ندرك : أنّ الحصر باثني عشر إماماً كان
ضروريّاً من خلال تطابقه مع الحاجة التي كانت قائمة على صعيد الواقع ، فإننا إذا
درسنا بعمق طبيعة الفترة التي عاشها الأئمة في القرون الثلاثة التي تلت وفاة
الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله
، فإننا سوف ندرك : أن الأمة قد استطاعت في هذه الفترة أن تستوعب عملياً جميع
مناحي التشريع ، ومختلف مراميه وأهدافه على مستوى الاتجاه العام ، وأن تعيش
التجربة في شتى المجالات ، ومختلف الأبعاد ، حيث مرورها بالأدوار المختلفة ،
وتشعّب مناحي الحياة التي تعيشها ، ثم تشبُثها بأسباب المدنية ، والحضارة ،
واتصالها بغيرها من الأمم المختلفة ونموّها وتكاملها في المجالات الفكريّة ،
والسياسية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية وغيرها ـ إن ذلك كلّه ، كان عاملاً
مساعداً إلى درجة كبيرة على فهم أعمق للإسلام ولمفاهيمه السياسية ، والتربويّة
والتشريعيّة ، وغيرها.
المهدية في موقعها الطليعي والطبيعي :
وبملاحظة
جميع ما تقدم : وبعد وصول الأمة
إلى درجة النضج ، وبلوغها مرحلة سن الرشد ، فكريّاً واجتماعياً و .. و .. ولو
بواسطة تربية شريحة من أبنائها ، تكفي في تحقق إمكانية معرفة الناس للحق ،
والحقيقة ، وعن طريق التفاعل مع هذه الشريحة ، والمراودة الفكرية لها.
وكذلك بعد أن يستشعر الطغيان الخطر الذي
يتهدده من قِبَل ذلك الذي يعرف أنه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، فإن غيبة هذا
الإمام ، واتخاذه موقعاً