وحيث تصبح الفرصة في متناول أيدي أصحاب الأطماع ، وطلاب اللبانات ، لادّعاء الإمامة ، وتضليل الناس ، والتّلاعب بالدّين وأحكامه ، وظهور البدع ، وضياع الحق ، حتى ليصير الوصول إليه أمراً مستحيلاً أو يكاد.
ولا ننسى : أنّه إذا شعر الحكّام أنّه ليس ثمة ما يجبرهم على اتّخاذ جانب المرونة والحذر (١) ، وأنّهم يمتلكون القوة الكافية للقضاء على مصدر الخطر عليهم ، واستئصاله بصورة نهائية وقاطعة ، فإنّهم سوف يبادرون إلى ذلك ـ حسبما ألمحنا إليه ـ ولسوف تعصف رياح حقدهم لتقتلع كل المنجزات التي هي حصيلة جهد وجهاد الأنبياء والأوصياء ، وكل الناس الذين أخلصوا لله سبحانه من جذورها حتى وكأن شيئاً لم يكن ..
ولأجل هذا وذاك ، ووفقاً لمقتضيات الحاجة ، وانسجاماً مع الضّرورات التي يفرضها هذا الواقع وغير ذلك من حيثيات تربويّة وغيرها ، فقد حدّد النص الوارد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله عدد الأئمة من بعده وبيّن أسماءهم. وخرجت السنّة الإلهيّة عما هو المألوف.
فاقتضت الحكمة أن يطول عمر الإمام الثاني عشر بانتظار أن تسنح الفرصة للقيام بالحركة الإصلاحيّة الشاملة ، وعلى مستوى العالم بأسره.
وحتى مع هذا التّحديد ، وذلك النص الصريح فإنّ الساحة الإسلامية لم تسلم من ادّعاءات كاذبة لمقام الإمامة ، فقد ادّعيَ هذا المقام لزيد بن علي بن الحسين عليهالسلام ، ولمحمّد بن الحنفية ، ولإسماعيل بن الإمام الصادق عليهالسلام ، وادّعاه أيضاً جعفر الموسوم « بالكذّاب » ، بالإضافة إلى آخرين ..
ولكن ذلك لم يكن من الخطورة بحيث يخشى منه على المسار العام.
__________________
(١) كما كان الحال في صدر الإسلام ، حينما كانوا يحكمون الناس باسم الإسلام ، وبعنوان الخلافة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.