يجعل من الشعارات
البراقة والخداعة وسيلة فعالة في تخفيف هيمنة العقل والتقليل من زنته ورجاحته وجعل
الأهواء ، والمشاعر هي الطاغية والمسيطرة ، وهذا هو السبب في أن فرعون قد استخف
قومه ـ أي عقولهم ـ فأطاعوه حتى عبدوه.
وهو السبب في أن يتمكن الشيطان من أن
يزين القبيح للإنسان ويظهره بصورة أحسن ، حتى يقع فيه. ولو كان ثمة أثارة من علم
لعرف الصحيح من الزائف والحسن من القبيح ، والحق من الباطل.
٥ ـ إننا إذا درسنا واقع المجتمع الذي
كان أمير المؤمنين عليهالسلام
يتعامل معه ، ولاسيما بعد حربي الجمل وصفين ، فلسوف نخرج بنتيجة مثيرة ، وقد يرى
البعض أنها تستند إلى نظرة مفرطة في التشاؤم.
فأما بالنسبة لفريق الخوارج ، فإن أمرهم
واضح ، إذ يعلم كل أحد : أنهم كانوا أعراباً جفاةً ، أخفاء الهام ، سفهاء الأحلام.
وحتى بعد مرور قرنين من الزمن وفشوا
العلم بين الناس ، وظهور الفرق والنحل ، حتى نحلة الاعتزال المفرطة في الاعتماد
على العقل ، وكذلك بعد ترجمة الكتب اليونانية ، وبعد أن صار كل فريق يحاول تقديم
آرائه ، بقوالب علمية ، وبصيغ حضارية ـ نعم ، حتى بعد هذا وذاك وذلك ، فإن حالة
الخوارج الثقافية قد بقيت في منتهى السوء ، حتى لقد قال فيهم بشر بن المعتمر :
ما كان من أسلافهم
أبو الحسن
|
|
ولا ابن عباس ولا أهل
السنن
|
غر مصابيح الدجى
مناجب
|
|
أولئك الأعلام لا
الأعارب
|
كمثل حرقوص ، ومن
حرقوص
|
|
فقعة قاع حولها قصيص
|
ليس من الحنظل يشتار
العسل
|
|
ولا من البحور يصطاد
الورل
|