جـ ـ والكلمة « ادخل » في قوله تعالى :
( قيل ادخل الجنة ... ) (١) فإنها تحمل نداء الرب إلى العبد ، وحديث القلب للقلب ، فالدخول متحقق من أوسع أبوابه ، وفيها إيحاء خاص بأن المؤمن المستقيم سوف يتمتع بثمرة أتعابه ، وينعم ببركة إيمانه ، فما بعد هذا الدخول من خروج.
ثامناً : وقد عد السيد المرتضى ( ت ٤٣٦ هـ ) كلمتي « خاشعاً » و « متصدعاً » في قوله تعالى :
( لو أنزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ) (٢) من صيغ الإيحاء في الدلالة على المبالغة التي تدعو إلى تعظيم القرآن في مقام الأخبار عن جلالة خطره ، وعظم قدره فقال : « إننا لو أنزلنا القرآن على جبل ، وكان الجبل مما يتصدع إشفاقاً من شيء أو خشية لامر ، لتصدع مع صلابته وقوته ، فكيف بكم يا معاشر المكلفين مع ضعفكم وقلتكم وأنتم أولى بالخشية والإشفاق » (٣).
وهذا يعني أن وراء اللفظ معنى آخر يوحيه بدلالته : وهو صيغة الانفعال عند الإنسان ، فليس المقصود خشية الجيل وتصدعه ، بل المقصود خشية الإنسان وخشوعه ، إذ ليس من شأن الجيل أن يخشع والخشوع والخشية ، كلاهما من أفعال القلوب التي لا تصدر عن جماد ، إلا أن يكون ذلك من صنع البيان إذ يبث الحياة في الصخر الأصم (٤).
تاسعاً : والجانب الإشاري في الألفاظ يوحي بالتعبير عن الصورة الفنية للشكل ، بما يستنبط من اللفظ من معنى جديد ، من خلال تركيب النص ، يوحي ذلك المعنى بأكثر من إرادة ظاهر اللفظ ، ويتمثل هذا الجانب ببعض النماذج التالية :
__________________
(١) يس : ٢٦.
(٢) الحشر : ٢١.
(٣) المرتضى : ١/٤٢٨ وما بعدها.
(٤) بنت الشاطي ، الإعجاز البياني للقرآن : ٢٠٩.