من المسائل الكبرى عند النقاد القدامى ، مسألة اللفظ والمعنى ، فقد قامت المعركة بينهم على أشدها في تحديد دور كل منهما في إعطاء النص الأدبي قيمته الفنية ، ومن ثم في تقويم شخصية كل منهما في السيادة والأولوية.
ولعل المحفز لهذه المعركة الإعجاز القرآني ، أو لفكرة الإعجاز في القرآن وارتباط الفكر النقدي والبلاغي بمضامينها ، باعتباره عريباً إسلامياً ، فكان النزاع محتدماً في أين يكمن الإعجاز ، في اللفظ وتأليفه ، أو المعنى ودلالته ، أو بهما معاً ، أم بالعلاقة المتولدة بين ذا وذا.
ويمكن حصر أبعاد هذه المعركة بأربعة فرقاء :
١ ـ فريق اللفظ ، ويمثله الجاحظ ( ت ٢٥٥ هـ ) وأبو هلال العسكري ( ت ٣٩٥ هـ ).
٢ ـ فريق اللفظ والمعنى ، ويمثله ابن قتيبة ( ت ٢٧٦ هـ ) ، وقدامة بن جعفر ( ت ٣٣٧ هـ ).
٣ ـ فريق لم يفصل بين اللفظ والمعنى ، ويمثله ابن رشيق ( ت ٤١٤ هـ ) وابن الأثير ( ت ٦٣٧ هـ ).
٤ ـ فريق جرد اللفظ والمعنى ، وقال بالعلاقة القائمة بينهما ، ويمثله عبد القاهر ( ت ٤٧١ هـ ).
ولا بد لنا من المسير شوطاً في غمار هذه المعركة للكشف عن مراميها ، وسبر أغوارها ، لنصل بعد هذا المسير إلى الميناء الذي ترسو عليه الصورة الأدبية.