وصحة رسالتهم. ومن خلال هذه الصيغ المتدرجة عرفنا أن في هذا التأكيد بهذه الصيغ في « أن » مؤكدة لضمير المتكلم المعظم نفسه ، أو جماعة المتكلمين ، واللام المؤكدة على الخبر بالإرسال ، جمالاً في المعنى الإيحائي لا يتأتى بإهمال هذه الحروف عند هذه الصيغ ، لأن أهل الطباع يجدون من زيادة الحرف معنى لا يجدونه بإسقاطه » (١).
فإذا أضفنا إلى ذلك أن اجتماعهما قد كان : بمنزلة تكرير الجملة ثلاث مرات ، لأن إفادة التكرير مرتين ، فإذا دخلت اللام صارت ثلاثاً.
وعن الكسائي : أن اللام لتوكيد الخبر ، وأن لتوكيد الاسم.. وأن التوكيد للنسبة (٢) أي النسبة القائمة بين الاسم والخبر.. علمنا مدى انطباق الدلالة الإيحائية على هذا التأكيد من جهة ، وعلى تكرار كلمة « المرسلين » من جهة أخرى.
سابعاً : والحق أن بهذا المثل زيادة على ما تقدم عدة كلمات ذات إيحائية خاصة نشير إلى بعضها بما يلي :
أ ـ الكلمة « تطيرنا » في قوله تعالى :
( قالوا إنا تطيرنا بكم ... ) (٣) لها إيحاء نفسي مرير يخالج القوم بالتطير ، وما يضفيه مناخ التشاؤم من تثاقل وغم ، وما يعنيه من إيمانهم بالخرافات والاساطير التي تحاك حول ذلك ، ليصور مدى ضيق القوم بهؤلاء المرسلين حتى أصبح وجودهم بين ظهرانيهم مثاراً للمخاوف والهواجس.
ب ـ والكلمة « صيحة » في قوله تعالى :
( إن كانت إلا صيحة واحدة ... ) (٤) فإنها توحي بهول الصدمة ، وعظم الهدة ، وتعني إخماد الأنفاس ، وشل الحركة ، وانهيار الحياة ، وقيام الساعة.
__________________
(١) السيوطي ، الاتقان : ٣/١٩٦.
(٢) المصدر نفسه : ٣/١٩٥.
(٣) يس : ١٨.
(٤) يس : ٢٩.