إلى غيرهم من المؤرّخين والمترجمين (١).
ولو أعرضنا عن هذا كلّه ، كفى في إبداع عمر جعلها في المساجد سنةً ، وتفضيلها على الفرادى في البيوت ، خلافاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ يقول : «أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة» (٢).
وقد روي في «كنز العمّال» (٣) ، أنّ «فضل صلاة التطوّع في البيت على فِعلها في المسجد كفضل الجماعة على المنفرد».
وأمّا ما أجاب به عن الطعن الثاني ، ففيه :
أوّلا : إنّ قوله : «إنّ الخراج إنّما يوضع على الأراضي التي فُتحت صُلحاً» ، مناف لمطلوبه ، ومصحِّحٌ للطعن في عمر ؛ لأنّه وضع الخراج على سواد العراق ونحوه ممّا فتح عنوةً لا صُلحاً (٤).
ثانياً : إنّ قوله : «لم يُفتح في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مدينةٌ من المدائن صلحاً» ، خطأٌ واضح ؛ لِما سبق من فتح فدك وغيرها صلحاً ؛ ولذا كانت من الأنفال المختصة به (صلى الله عليه وآله وسلم) (٥).
وثالثاً : إنّ قوله : «اقتضى رأيه الخراج» ، مسلّم ؛ لكنّ الكلام في صحة رأيه ومشروعيّة حكمه.
كيف ، وقد رووا أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قسّم حصون خيبر التي فتحها
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ / ٩٧ ـ ٩٨ ح ١١٦ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٤٦٤ ، الأوائل ـ للعسكري ـ : ١٠٥ ، البداية والنهاية ٧ / ١٠٨ ، تاريخ أبي الفداء ١ / ١٦٥.
وراجع ما مرّ تخريجه مفصّلا في الصفحة ٣٥٨ هـ ٢ ، والصفحة ٣٦٠ هـ ١.
(٢) تقدّم تخريجه في الصفحة ٣٦٢ هـ ٣.
(٣) ص ١٢٠ ج ٤ [٧ / ٥٥٦ ح ٢٠٢٣٢]. منه (قدس سره).
(٤) الخراج ـ لأبي يوسف ـ : ٢٥ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٥) راجع الصفحة ٨٢ وما بعدها ، من هذا الجزء.