وقول الخصم : «شقّ العصا يظهر بعد الثلاثة» ..
تخصيص من غير مخصّص ، ومجرّد كون الثلاثة من الإمام لا يقتضي التخصيص ، ولا سيّما أنّه لا إمامة له بعد موته ، كما أنّ احتمال الرجوع لا يختصّ بالثلاثة.
وبالجملة : شقّ العصا المدّعى إمّا أن يوجب القتل بمجرّد وقوعه ، أو بشرط عدم رجاء الرجوع.
وعلى الوجهين لا يختلف الحال بين الثلاثة وما بعدها ، فلا معنى لإيجاب قتل شاقِّ العصا بعدها مطلقاً ، وعدم إيجابه فيها مطلقاً.
وليت شعري ، هل مِن شقّ العصا مجرّد كون الثلاثة من غير حزب عبد الرحمن ، أو عدم الرضوخ (١) إلى رأي عبد الله الذي لا يُحسن طلاق زوجته (٢)؟!
الثالث : إنّه حصر الأمر في الستّة ، وعابهم قبل جرحه وبعده ـ كما سمعته في الأخبار (٣) ـ بما زعم أنّه مناف للإمامة ، وأكثرها مناف لها إجماعاً ؛ كالضعف ، والبخل ، والغلظة ، وكفران الغضب ، وحمل الأقارب على رقاب الناس ؛ فقول الخصم : «لم يذكر المعائب القادحة
__________________
(١) كذا في الأصل ، وهو من سبق قلمه الشريف (قدس سره) ، فقد شاع في الأزمنة المتأخّرة استعمال الفعل «رَضَخَ» وما يُشتقّ منه في غير محلّه ؛ والذي يناسب المقام هو «الخضوع» ، وهو مراد المصنّف (قدس سره).
والرَّضخُ : كَسْرُ اليابس والصلب ، كالنوى والحصى والعظم والرأس ، يقال : رَضَخْتُ رأسَ الحيّةِ بالحجارة ؛ انظر : لسان العرب ٥ / ٢٢٩ مادّة «رضخ».
(٢) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ٢٦١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٥٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٦٨١ ح ٣٦٠٤٧.
(٣) راجع الصفحتين ٣٢٩ و ٣٤٠ وما بعدهما ، من هذا الجزء.