وقول الخصم : «هذا من اجتهاداته ، والأمر إليه» ..
تحكّمٌ ظاهر ؛ فإنّ الاجتهاد بلا دليل إبداعٌ ، بل على مذهبهم في انعقاد البيعة ولو بواحد ، لو بايع أحدٌ أحداً ولو من غير هؤلاء الستّة كانت بيعته لازمةً ، ولا سيّما أنّه بعد موته لا إمامة له ، فما وجه تعيينه للستّة وتحكّمه في رقاب المسلمين؟!
وقد يُستدلّ على صحة عمله ومضيّه ؛ بأنّ المسلمين قد التزموا ببيعة أحد الستّة بعينهم بلا نكير ، ودخل أمير المؤمنين (عليه السلام) في الشورى بلا قهر ، فكان إجماعاً.
وفيه : إنّ الإجماع لا يثبت إلاّ مع تحقّق الرضا والاختيار ، وهو محلّ نظر ؛ لخروج أكثر المسلمين عن المدينة وهم لا يستطيعون المخالفة بعد انعقاد البيعة ؛ لعدم الجامع لهم ، فلم يُعلم رضاهم ، بل لا يستطيع من في المدينة المخالفة ؛ لأنّ السيف على رؤوس أعاظمهم ، وهم لا يقدرون على الدفع والمعارضة ، فكيف بسائر الناس؟!
الثاني : إنّه أمر بضرب أعناقهم على النهج الذي ذكره ، وبالضرورة أنّهم لا يستحقّون القتل بذلك.
ودعوى أنّ المراد : التهديدُ ، باطلة ؛ لأنّ الأمر بعد موته يخرج عن يده وعلمه ، فما يؤمنه مِن قتلهم وقد حكم به حكماً باتّاً؟!
وأما ما أجاب به القاضي ، فتخمينٌ لا يرتبط ظاهراً بكلام عمر ، كالجواب بالحمل على التهديد ، مع أنّ شقّ العصا إنّما هو بالخروج على إمام الزمان ، ولا إمام قبل بيعة أحدهم ، على أنّهم إذا شقّوا العصا فمن أوّل يوم يجب قتالهم.