وليتها أن تقيم على الحقّ المبين والصراط المستقيم».
وبهذا يُعلم أنّ القوم هم الّذين طلبوا من عمر أن يبيّن فيهم رأيه ، فلا يُستبعد منه أن يقول فيهم السوء.
كما لا يُستبعد منه الابتداء به في وجوههم ؛ لغلظته المعروفة وغرور الإمرة ، وكونهم في محلّ الرجاء للزعامة العامّة التي يسهل عليهم في سبيلها كلّ صعب.
وروى في «الاستيعاب» ، بترجمة عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ، عن ابن عبّاس ، قال : «بينا أنا أمشي مع عمر يوماً إذ تنفّس نفَساً ظننت أنّه قد قُضِبَت (١) أضلاعه ، فقلت : سبحان الله! واللهِ ما أخرج منك هذا إلاّ أمر عظيم!
فقال : ويحك يا ابن عبّاس! ما أدري ما أصنع بأُمة محمّد؟!
قلت : ولِمَ وأنت قادر أن تضع ذلك مكان الثقة؟!
قال : إنّي أراك تقول : إنّ صاحبك أَوْلى الناس بها؟! يعني عليا.
قلت : أجل ، واللهِ إنّي لأقول ذلك في سابقته وعلمه وقرابته وصهره.
قال : إنّه كما ذكرت ، ولكنّه كثير الدعابة.
قلت : فعثمان؟!
قال : فواللهِ لو فعلتُ لحمل بني أبي مُعيط على رقاب الناس يعملون فيهم بمعصية الله ، والله لو فعلتُ لفعل ، ولو فعل لفعلوه ، فوثب الناس عليه فقتلوه!
فقلت : طلحة بن عبيد الله؟!
__________________
(١) القضبُ : القطعُ والانتزاع ؛ انظر : لسان العرب ١١ / ٢٠١ مادّة «قضب».