وروى ابن قتيبة في كتاب «السياسة والإمامة» (١) ، عند التعرّض لأمر الشورى (٢) ، قصّة عهد عمر ، وقال فيها : سأستخلف النفر الّذين توفّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عنهم راض ؛ فأرسل إليهم فجمعهم ـ وذكر الستّة ـ فقال : يا معشر المهاجرين الأوّلين! إنّي نظرت في أمر الناس فلم أجد فيهم شقاقاً ولا نفاقاً ، فإن يكن بعدي شقاق ونفاق فهو فيكم ...
إلى أن قال : إنِ استقام أمر خمسة وخالف واحد ، فاضربوا عنقه!
وإنِ استقام أربعة واختلف اثنان ، فاضربوا أعناقهما!
وإنِ استقام ثلاثة واختلف ثلاثة ، فاحتكموا إلى ابني عبد الله ، فلأيّ الثلاثة قضى فالخليفة منهم وفيهم ، فإن أبى الثلاثة الأُخر فاضربوا أعناقهم!
فقالوا : قل فينا يا أمير المؤمنين مقالةً نستدلّ فيها برأيك ونقتدي به!
فقال : والله ما يمنعني أن استخلفك يا سعد ، إلاّ شدّتك وغِلظتك مع أنّك رجلُ حرب.
وما يمنعني منك يا عبد الرحمن ، إلاّ أنّك فرعون هذه الأُمة.
وما يمنعني منك يا زبير ، إلاّ أنّك مؤمن الرضا ، كافر الغضب.
وما يمنعني من طلحة ، إلاّ نخوتُهُ وكبرُهُ ، ولو وليَها وضع خاتمه في إصبع امرأته.
وما يمنعني منك يا عثمان ، إلاّ عصبَتُكَ ، وحبّك قومك.
وما يمنعني منك يا عليّ ، إلاّ حرصك عليها ، وإنّك أحرى القوم إن
__________________
(١) كذا في الأصل ، ومراده (قدس سره) كتاب «الإمامة والسياسة».
(٢) ص ٢٨ [١ / ٤٢ ـ ٤٣]. منه (قدس سره).