قال : تقول : يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب ، ثبّت قلبي على دينك ..
فقلت : يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك.
فقال عليهالسلام : إن الله عزّ وجلّ مقلّب القلوب والأبصار ، ولكن قُل كما أقول : يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك (١).
بهذا النهج يتعلم المسلم لزوم التروّي والتأنّي والحيطة والحذر في النقل وضرورة رعاية النص كما هو دون زيادة ونقصان ، هذا ما علّمنا الشارع المقدّس التمسّك به.
نعم ، قد يختلف توقيفي عن توقيفي آخر ، وبلحاظ زاوية خاصة ، بمعنى أنّ توقيفية الأذان قد تختلف عن توقيفية الزواج والطلاق ، أي : أنّ توقيفية الزواج والطلاق تتعلّق بأمر كلّي لا بجزئيته ، أي يجب على المطلِّق أو العاقد أن يُنشئ عقدة الزواج والطلاق في كلامه دون التعبد بصيغة واحدة خاصة ، فله أن يقول : (أنكحت) أو (زوّجت) أو (متّعت) ، فلو أتى العاقد بأي صيغة منها صح زواجه.
وكذا الحال بالنسبة إلى الطلاق فلو قال المطلِّق : زوجتي طالق ، أو فاطمة طالق ، أو امرأتي التي في ركن الدار طالق ـ لو كانت هناك مثلاً ـ صح طلاقه ، لأنّ المطلوب هو إنشاء علقة الزوجية في الزواج ، وقصد الإبانة في الطلاق دون التعبّد بصيغة مخصوصة ، وهذا بخلاف التعبد بنصوص القرآن وما شابهه ، لأن الثاني يأبى التغيير والتبديل ، فلا يجوز تقديم جملة من القرآن على أخرى ، فلا يجوز أن تقول : (الرحيم الرحمن) بدل (الرحمن الرحيم) ؛ لأن المطلوب أداء النصّ السماوي كما هو.
اذاً توقيفيات الأمور تختلف بحسب تعلّق الأحكام ، فتارة : تتعلّق بالحقيقة وذات الأمر ، وأخرى بلزوم التعبد بالنص المعهود دون زيادة ونقيصة ، وقد وضّحنا
__________________
(١) كمال الدين وتمام النعمة ٢ : ٣٥١ باب ٤٣ ح ٤٩ وعنه في بحار الأنوار ٥٢ : ١٤٨ ح ٧٣.