ثمّ قال : يا أبا ذرّ ، إنّ الله جميل يحبّ الجمال ، يا أبا ذرّ ، أتدري ما غمّي وفكري وإلى أيّ شيء اشتياقي؟ فقال أصحابه : خبّرنا يا رسول الله بغمّك وفكرك ، قال : وا شوقاه إلى لقاء إخواني ؛ يكونون من بعدي ، شأنهم شأن الأنبياء ، وهم عند الله بمنزلة الشهداء ، يفرّون من الآباء والامّهات ، والإخوة والأخوات ، ابتغاء مرضاة الله ، وهم يتركون المال ، ويذلّون أنفسهم بالتواضع ، لا يرغبون في الشهوات وفضول الدنيا ، يجتمعون في بيت من بيوت الله مغمومين محزونين من حبّ الله ، قلوبهم إلى الله ، وروحهم من الله ، وعلمهم لله ، إذا مرض واحد منهم هو أفضل من عبادة سنة.
وإن شئت أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال : بلى يا رسول الله ، [قال :] الواحد منهم يؤذيه قملة في ثيابه فله عند الله أجر سبعين حجّة وغزوة ، وكان له أجر عتق أربعين رقبة من ولد إسماعيل ، كلّ واحد منهم باثني عشر ألفا.
وإن شئت أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : الواحد منهم يذكر أهله ثمّ يغتمّ فيكتب له بكلّ نفس ألف ألف درجة.
وإن شئت أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : الواحد منهم يصلّي ركعتين في أصحابه أفضل عند الله من رجل يعبد الله تعالى في جبل لبنان مثل عمر نوح.
وإن شئت أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : الواحد منهم يسبّح الله تسبيحة خير له يوم القيامة من أن يصيّر معه جبال الدنيا ذهبا.
وإن شئت أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال : نعم يا رسول الله ، [قال :] نظرة ينظر إلى أحدهم أحبّ إلى الله من نظرة إلى بيت الله ، ومن نظر إليه فكأنّما ينظر إلى