(بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) (١) وقوله : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٢) فاللّحوق المنفي في الآية متوقّع الثبوت ، والظاهر أنّ المراد به اللحوق في الإيمان ، وأنّ الضمير المجرور في (مِنْهُمْ) راجع إلى (الْأُمِّيِّينَ) فلا دلالة في الآية على لحوق غيرهم ، فالأولى إرجاعه إلى الناس كافّة ، لاشتراكهم معهم في الدعوة ، ولزوم الإجابة.
ويؤيّده : ما روي من أنّه لمّا نزلت هذه الآية قيل : من هم يا رسول الله؟ فوضع يده على كتف سلمان ثمّ قال : لو كان الإيمان عند الثريّا لتناوله رجال من هؤلاء (٣).
وفي رواية : لنالته رجال من هؤلاء (٤).
ومن هنا قيل : إنّ المراد «بالآخرين» الّذين يأتون بعدهم إلى يوم القيامة.
وعن الباقر عليه السلام : هم الأعاجم ومن لا يتكلّم بلغة العرب (٥).
وقد يقال : إنّ المراد بهم الخصّيصون من امّته الّذين يأتون من بعده يؤمنون بالغيب ، وهم الّذين كان الرسول صلّى الله عليه وآله يتشوّق إليهم ، كما روي في بعض كتب العرفان مرسلا : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله رأى يوما أبا ذرّ يمشي فقال : «مسكين أبو ذر يمشي وحده وهو في السماء فرد ، وأبو ذر في الأرض فرد كمن فرد الفرد».
__________________
(١) ص : ٨.
(٢) الحجرات : ١٤.
(٣) تفسير الإمام العسكريّ عليه السلام : ١٢٠.
(٤) بحار الأنوار ١٦ : ٣١٠.
(٥) نفس المصدر.