أنّه يأتي على جهنّم زمان ينبت في قعرها الجرجر (١) ، فإنّه لا يعارض ما أشرنا إليه من الآيات والأخبار.
وأمّا ما قيل من أنّ الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد ، بل بالتجاوز : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) (٢) ولم يقل وعيده ، بل قال : (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) (٣) فهو كما ترى.
وقول ابن مسعود : ليأتينّ على جهنّم زمان ليس فيها أحد ، وذلك بعد ما يلبثون أحقابا. ليس بحجّة. فافهم ، ولا تغترّ بوساوس الشيطان ، وقد قال : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٤).
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) هذا أيضا إخبار عن الغيب ، لعدم وقوع هذا القول ، بل نزول هذه الآية.
وقد روي أنّهم لمّا انصرفوا من الحديبيّة بالصلح وعدهم الله فتح خيبر ، وخصّ بغنائمها من شهد الحديبيّة ، ولم يتخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله عند مسيره إليها ، فلمّا أرادوا المسير إلى خيبر قال : هؤلاء المخلّفون (٥) : ذرونا ـ أي اتركونا ـ نتّبعكم ؛ أي نجيء معكم لنصرتكم. ولا
__________________
(١) الجرجر والجرجير : بقلة معروفة.
(٢) إبراهيم : ٤٧.
(٣) الشورى : ٢٥.
(٤) ص : ٨٢ و ٨٣.
(٥) «ب» : المتخلّفون.