الله ، ومن سرّه فكأنّما سرّ الله ، ومن أطعمه فكأنّما أطعم الله.
وإن شئت أزيدك يا أبا ذر؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : يجلس إليهم قوم مصرّون مثقلون من الذنوب ؛ ما يقومون من عندهم حتّى ينظر الله إليهم ويغفر لهم ذنوبهم.
يا أبا ذرّ ضحكهم عبادة ، ومزاحهم تسبيح ، ونومهم صدقة ، ينظر الله إليهم في كلّ يوم سبعين مرّة.
يا أبا ذرّ ، إنّي إليهم مشتاق. ثمّ أطرق صلّى الله عليه وآله رأسه مليّا ، ثمّ رفع رأسه وبكى حتّى هملت عيناه فقال : وا شوقاه إلى لقائهم؟
ويقول صلّى الله عليه وآله : اللهمّ احفظهم وانصرهم على من خالفهم ، وأقرّ عيني بهم يوم القيامة ، ثمّ قرأ : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١) (٢). انتهى.
وروى قريبا منه أحمد بن فهد الحلّيّ رحمه الله في كتابه المسمّى بـ «التحصين» إلّا أنّه قال : [قال] رسول الله : أتدرون ما غمّيّ ، وفي أيّ شيء تفكّري ، وفي أيّ شيء اشتياقي؟ قال أصحابه : لا يا رسول الله ، ما علمنا هذه من أيّ شيء ، أخبرنا بغمّك وتفكّرك وتشوّقك ، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : أخبركم إن شاء الله.
ثمّ تنفّس الصعداء وقال : هاه شوقا إلى إخواني من بعدي ، فقال أبو ذرّ : يا رسول الله ، أو لسنا إخوانك؟ قال : لا ، أنتم أصحابي ، وإخواني يجيئون من
__________________
(١) يونس : ٦٢.
(٢) التحصين ، لابن فهد : ٢٥.