كتابنا المسمّى بـ «خواصّ الأسماء الحسنى» من أراد الاطّلاع عليه فليرجع إليه.
ولك في قراءته أواخر هذه الأسماء في هذه السورة «الجرّ» لكونها نعوتا للجلالة ، و «النصب» رعاية للمحلّ أو قطعا للوصفيّة للمدح ، «الرفع» للقطع وحذف المبتدأ ، وقد حكي القراءة به أيضا عن بعض القرّاء.
ولمّا أشار سبحانه إلى الأصل الأوّل من أصول الدين وهو «إثبات الصانع» وما يليق به من توحيده ، ووصفه بما يليق به وتنزيهه عمّا لا يليق به ، أشار بقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) إلى الأصل الثاني منها وهو «النبوّة» ، فهذه الجملة وإن كانت منقطعة عن سابقها بحسب الظاهر ، ولكنّها مرتبطة به بحسب المعنى ، وإنّما صدّرها بالضمير لئلّا يتوّهم أنّ الموصول وصلته من التوابع المتعاقبة ، الغير المقصودة بالأصل ، بل يكون إشارة إلى أنّ النبوّة أيضا أصل مستقلّ يعتنى به عناية خاصّة ؛ كما يعتنى بالتوحيد.
وفي ذلك أيضا توقير خاصّ للرسول صلّى الله عليه وآله بكونه من جانب من يسبّح له جميع الأشياء من الملك والملكوت ، ويكون له هذه الصفات العظمى والأسماء الحسنى ، لا من جانب من لا يعتنى بشأنه من سكّان الثرى.
ولهذه الآية نظائر كثيرة في القرآن مثل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (١) وقوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ
__________________
(١) الحديد : ٤.