التفريع على التفسيرين بفرض طروء النيّة المنافية على المعتبرة ، مع أنّ الحكم في الطارئ والمصاحب واحد وإن كان الأوّل أوفق لسياق الكلام.
وظاهر المرتضى ـ رحمهالله ـ أنّه لو نوى الرياء بصلاة ، لم تبطل بمعنى عدم إعادتها ، لا بمعنى حصول الثواب. (١) وهو يستلزم الصحّة مع ضمّ الرياء إلى القربة (٢) بطريق أولى.
وهو مبنيّ على قاعدته من عدم الملازمة بين قبول الأعمال وصحّتها ، فبالصحّة يحصل الامتثال ، وبالقبول يستحقّ الثواب.
وفي الأصل والفرع منع.
واعلم أنّ قطع الاستدامة الحكميّة بنيّةٍ مخالفه إنّما يؤثّر في بطلان الوضوء مع فعل شيء منه كذلك ، أمّا لو جدّد النيّة الأُولى قبل أن يفعل شيئاً بعد القطع ، أو بعده وأعاده قبل جفاف ما سبق على قطع الاستدامة ، صحّ الوضوء ؛ لأنّ أفعال الوضوء بمنزلة عبادات متعدّدة لا تتوقّف صحّة بعضها على بعض ، ولهذا لو نكس وضوءه ، أعاد على ما يحصل معه الترتيب ولا يبطل ، بخلاف الصلاة ؛ فإنّها تبطل بمنافاة الاستدامة وإن أعاد النيّة قبل فعل شيء منها بغير نيّة معتبرة.
وهذا كلّه (بخلاف ما لو ضمّ التبرّد) بعد النيّة المعتبرة إليها ، فإنّه لا يضرّ عند المصنّف ؛ لحصوله وإن لم ينوه ، فنيّته لاغية ، كما لو كبّر الإمام وقصد مع التحرّم إعلام القوم.
واختار المصنّف في غير (٣) هذا الكتاب ـ تبعاً لجماعة ـ (٤) البطلان هنا ؛ للمنافاة أيضاً. ولأنّه لا يلزم من حصوله ضرورة جواز نيّة حصوله ، وهل الكلام إلا فيه؟ وهذا أجود.
ويجوز كون قوله : «فلو نوى» إلى آخره ، تفريعاً على النيّة المذكورة سابقاً ، المشتملة على التقرُّب ، وجعل الاستدامة الحكمية معترضةً ، ووجه التفريع منافاة ذلك كلّه للقربة.
(و) يجوز أن (يقارن بها) أي بالنيّة (غَسل اليدين) المستحبّ له على المشهور ؛ لأنّه من جملة الوضوء الكامل. وأولى منه عند المضمضة والاستنشاق ؛ لقربهما إلى الواجب.
وجوّز ابن إدريس تقديمها عند غَسل اليدين في الغُسل دون الوضوء. (٥) وهو تحكّم.
__________________
(١) الانتصار : ١٠٠ ، المسألة ٩.
(٢) في الطبعة الحجريّة : «التقرّب».
(٣) نهاية الإحكام ١ : ٢٩.
(٤) منهم : فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد ١ : ٣٦ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٢٠٣.
(٥) السرائر ١ : ٩٨.