جزء مفهومه ؛ لأنّه زوال الصورة العلميّة عن القوّة الذاكرة ، أو عدم العلم
بعد حصوله عمّا من شأنه أن يكون عالماً ، كما تقدّم ، لكنّه أشبه الطبيعة الثانية
في العروض والكثرة التي تشبه اللزوم ، كان كالطبيعة الثانية للإنسان خصوصاً على
التعريف الثاني ؛ فإنّ العدم المنسوب إلى الملكة له حظّ من الوجود بافتقاره إلى
محلّ وجوديّ ، كافتقار الملكة إليه ؛ فإنّه عبارة عن عدم شيء مع إمكان اتّصاف
الموضوع بذلك الشيء ، كالعمى ؛ فإنّه عدم البصر لا مطلقاً بل عن شيء من شأنه أن
يكون بصيراً ، فهو يفتقر إلى الموضوع الخاصّ المستعدّ للملكة ، كما تفتقر الملكة
إليه ، بخلاف باقي الأعدام. ثمّ أكّد الاعتذار عمّا يجده من الخلل بقوله (ومثلي) ممّن لم يتّصف بالعصمة من بني آدم ، والتعبير بالمثل كناية عن أنّي لا
أخلو من ذلك من قبيل قولهم : «مثلك لا يبخل» و «مثلك مَنْ يجود» فإنّه كناية عن
ثبوت الفعل أو نفيه عمّن أُضيف إليه لفظ «مثل» لأنّه إذا ثبت الفعل لمن يسدّ مسدّه
ومَنْ هو على أخصّ أوصافه أو نُفي عنه ، كان من مقتضى القياس والعرف أن يفعل هو
كذا أو أن لا يفعل ، ومن لازم هذه الكناية تقديم لفظ «مثل» كما قرّر في المعاني.
ولفظة «يخلو»
من قوله (لا يخلو) ليس بعدها ألف ؛ لأنّ الواو فيها لام الفعل المعتلّ ، وإنّما أثبتوا الألف
بعد الواو المزيدة وهي واو الجماعة فرقاً بينها وبين الأصليّة ، كهذه ونظائرها ،
فإتيانه بعدها خطأ (من تقصير في اجتهاد) لابتنائه على مقدّمات متعدّدة وقواعد متبدّدة يحتاج إلى
استحضارها في كلّ مسألة يجتهد فيها ، وذلك مظنّة التقصير ، ولهذا اختلفت الأنظار في
الفروع التي لم ينصّ على عينها ، كما هو معلوم.
(والله الموفّق للسداد) وهو الصواب والقصد من القول والعمل ، قاله في الصحاح. .
(فليس المعصوم) من بني آدم كما يقتضيه الاستثناء من النفي المستلزم
لحصر الإثبات في المستثنى مع الإجماع على عصمة الملائكة عليهمالسلام مع خروجهم عن الأنبياء والأوصياء ، فلو لا التقييد ببني
آدم ، أشكل الحصر (إلا مَنْ عصمه الله).
و «من» في قوله
(من أنبيائه وأوصيائه) لبيان الجنس ، لاتّفاقنا على عصمة الجميع ، والتقدير :
ليس المعصوم من نوع الإنسان إلا الأنبياء وأوصياءهم (عليهم أفضل الصلوات
__________________